للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَكَذَلِكَ (الْقِدَمُ) فَسَّرُوهُ بِهَذَيْنِ الْمَعْنَيَيْنِ، وَجَعَلُوا الْقِدَمَ (١) بِأَحَدِ مَعْنَيَيْهِ مَعْنَاهُ مَعْنَى الْوُجُوبِ قَالُوا: وَالدَّلِيلُ عَلَى إِثْبَاتِ الْحُدُوثِ الذَّاتِيِّ أَنَّ كُلَّ مُمْكِنٍ لِذَاتِهِ، فَإِنَّهُ لِذَاتِهِ (٢) يَسْتَحِقُّ الْعَدَمَ، وَمِنْ غَيْرِهِ يَسْتَحِقُّ الْوُجُودَ، وَمَا (٣) بِالذَّاتِ أَقْدَمُ مِمَّا بِالْغَيْرِ، فَالْعَدَمُ فِي حَقِّهِ (٤) أَقْدَمُ مِنَ الْوُجُودِ تَقَدُّمًا بِالذَّاتِ، فَيَكُونُ مُحْدَثًا [حُدُوثًا] (٥) ذَاتِيًّا.

وَقَدْ أَوْرَدَ عَلَيْهِمُ الرَّازِيُّ سُؤَالًا: وَهُوَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ: الْمُمْكِنُ يَسْتَحِقُّ الْعَدَمَ مِنْ ذَاتِهِ، فَإِنَّهُ لَوِ اسْتَحَقَّ الْعَدَمَ مِنْ ذَاتِهِ لَكَانَ مُمْتَنِعًا لَا مُمْكِنًا، بَلِ الْمُمْكِنُ يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ حَيْثُ هُوَ مَوْجُودٌ، وَلَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ مِنْ حَيْثُ هُوَ لَيْسَ بِمَوْجُودٍ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ الِاعْتِبَارَيْنِ مَعْرُوفٌ، بَلْ كَمَا أَنَّ الْمُمْكِنَ يَسْتَحِقُّ الْوُجُودَ مِنْ وُجُودِ عِلَّتِهِ، فَإِنَّهُ يَسْتَحِقُّ الْعَدَمَ مِنْ عَدَمِ عِلَّتِهِ، وَإِذَا كَانَ اسْتِحْقَاقُهُ الْوُجُودَ وَالْعَدَمَ مِنَ الْغَيْرِ (٦) ، وَلَمْ يَكُنْ وَاحِدٌ مِنْهَا مِنْ مُقْتَضَيَاتِ الْمَاهِيَّةِ لَمْ يَكُنْ لِأَحَدِهِمَا تَقَدُّمٌ عَلَى الْآخَرِ، فَإِذَنْ لَا يَكُونُ لِعَدَمِهِ تَقَدُّمٌ ذَاتِيٌّ عَلَى وُجُودِهِ.

قَالَ: (٧) وَلَعَلَّ الْمُرَادَ مِنْ هَذِهِ الْحُجَّةِ [هُوَ] (٨) إِنَّ الْمُمْكِنَ يَسْتَحِقُّ مِنْ


(١) أ، ب: الْقَدِيمَ.
(٢) لِذَاتِهِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) ، (ب) .
(٣) ن (فَقَطْ) : وَأَمَّا، وَهُوَ تَحْرِيفٌ.
(٤) ن: فَالْقِدَمُ فِي حَقِّهِ ; م: فَمَا تَقَدَّمَ فِي حَقِّهِ.
(٥) حُدُوثًا: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(٦) ن، م: مِنَ الْعَيْنِ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ.
(٧) لَمْ يُبَيِّنِ ابْنِ تَيْمِيَّةَ مَنِ الْقَائِلِ، وَالْكَلَامُ التَّالِي لَيْسَ كَلَامَ الرَّازِيِّ وَلَمْ يَرِدْ فِي الْبُرْهَانِ السَّابِعِ، وَلَعَلَّهُ مِنْ كَلَامِ بَعْضِ الْمُتَكَلِّمِينَ مِثْلِ الْآمِدِيِّ أَوْ غَيْرِهِ.
(٨) هُوَ: زِيَادَةٌ فِي (أ) ، (ب) .

<<  <  ج: ص:  >  >>