للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{يَسْمَعُونَ أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَسُوقُ الْمَاءَ إِلَى الْأَرْضِ الْجُرُزِ فَنُخْرِجُ بِهِ زَرْعًا تَأْكُلُ مِنْهُ أَنْعَامُهُمْ وَأَنْفُسُهُمْ أَفَلَا يُبْصِرُونَ} [سُورَةُ السَّجْدَةِ: ٢٧] ، فَالْأَرْضُ الْجُرُزُ لَا (١) تُمْطِرُ مَا يَكْفِيهَا، كَأَرْضِ مِصْرَ: لَوْ أَمْطَرَتِ الْمَطَرَ الْمُعْتَادَ لَمْ يَكْفِهَا ; فَإِنَّهَا أَرْضٌ إِبْلِيزٌ (٢) . وَإِنْ أَمْطَرَتْ كَثِيرًا مِثْلَ مَطَرِ شَهْرٍ خَرُبَتِ (٣) الْمَسَاكِنُ، فَكَانَ مِنْ حِكْمَةِ الْبَارِي وَرَحْمَتِهِ أَنْ أَمْطَرَ مَطَرًا أَرْضًا بَعِيدَةً، ثُمَّ سَاقَ ذَلِكَ الْمَاءَ إِلَى أَرْضِ مِصْرَ.

فَهَذِهِ الْآيَاتُ (٤) يُسْتَدَلُّ بِهَا عَلَى عِلْمِ الْخَالِقِ وَقُدْرَتِهِ وَمَشِيئَتِهِ وَحِكْمَتِهِ، وَإِثْبَاتِ الْمَادَّةِ الَّتِي خَلَقَ مِنْهَا الْمَطَرَ وَالشَّجَرَ وَالْإِنْسَانَ وَالْحَيَوَانَ مِمَّا يَدُلُّ عَلَى حِكْمَتِهِ (٥) .

وَنَحْنُ لَا نَعْرِفُ شَيْئًا قَطُّ خُلِقَ إِلَّا مِنْ مَادَّةٍ، وَلَا أَخْبَرَ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ بِمَخْلُوقٍ إِلَّا مِنْ مَادَّةٍ.

وَكَذَلِكَ كَوْنُ كُسُوفِ الشَّمْسِ وَغَيْرِهِ سَبَبًا لِبَعْضِ الْحَوَادِثِ هُوَ مِمَّا دَلَّتْ عَلَيْهِ النُّصُوصُ الصَّحِيحَةُ، فَفِي الصِّحَاحِ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: " «إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَا يَنْكَسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلَا


(١) ح، ر: مَا.
(٢) ح، ر: تَلِينُ، ي: إِبْلِينٌ، وَفِي " الْمُعْجَمِ الْوَسِيطِ " الْإِبْلِيزُ: " الطِّينُ الَّذِي يُخَلِّفُهُ نَهْرُ النِّيلِ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ بَعْدَ ذَهَابِهِ ".
(٣) ح: أَخْرَبَتِ.
(٤) ح، ب: الْآيَةُ.
(٥) ح، ر، و، ي: الْحِكْمَةِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>