للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْأَعْيَانِ، فَمَنْ عَنَى بِالْمَاهِيَّةِ مَا فِي الذِّهْنِ، وَبِالْوُجُودِ مَا فِي الْخَارِجِ، فَهُوَ مُصِيبٌ فِي قَوْلِهِ: الْوُجُودُ مُغَايِرٌ لِلْمَاهِيَّةِ، وَأَمَّا إِذَا عَنَى بِالْمَاهِيَّةِ مَا فِي الْخَارِجِ، وَبِالْوُجُودِ مَا فِي الْخَارِجِ، وَبِالْمَاهِيَّةِ مَا فِي الذِّهْنِ، وَبِالْوُجُودِ مَا فِي الذِّهْنِ، وَادَّعَى أَنَّ فِي الذِّهْنِ شَيْئَيْنِ، وَأَنَّ فِي الْخَارِجِ شَيْئَيْنِ: وُجُودٌ وَمَاهِيَّةٌ، فَهَذَا يَتَخَيَّلُ (١) خَيَالًا لَا حَقِيقَةَ لَهُ. وَبِهَذَا التَّفْصِيلِ يَزُولُ الِاشْتِبَاهُ الْحَاصِلُ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ.

وَلَفْظُ " الْمَاهِيَّةِ " مَأْخُوذٌ مِنْ قَوْلِ السَّائِلِ: مَا هُوَ؟ وَمَا هُوَ سُؤَالٌ عَمَّا يَتَصَوَّرُهُ الْمَسْئُولُ لِيُجِيبَ عَنْهُ، وَتِلْكَ هِيَ الْمَاهِيَّةُ لِلشَّيْءِ فِي نَفْسِهِ، وَالْمَعْنَى الْمَدْلُولُ عَلَيْهِ بِاللَّفْظِ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ مُطَابِقًا لِلَّفْظِ ; فَتَكُونَ دَلَالَةُ اللَّفْظِ عَلَيْهِ بِالْمُطَابَقَةِ، وَدَلَالَةُ اللَّفْظِ عَلَى بَعْضِ ذَلِكَ الْمَعْنَى بِالتَّضَمُّنِ، وَدَلَالَتُهُ عَلَى لَازِمِ ذَلِكَ الْمَعْنَى بِالِالْتِزَامِ (٢) .

وَلَيْسَتْ دَلَالَةُ الْمُطَابَقَةِ دَلَالَةَ اللَّفْظِ عَلَى مَا وُضِعَ لَهُ، كَمَا يَظُنُّهُ بَعْضُ النَّاسِ، وَلَا دَلَالَةَ (٣) التَّضَمُّنِ اسْتِعْمَالُ اللَّفْظِ فِي جُزْءِ مَعْنَاهُ، وَلَا دَلَالَةَ (٤) الِالْتِزَامِ اسْتِعْمَالُ اللَّفْظِ فِي لَازِمِ مَعْنَاهُ.

بَلْ يَجِبُ الْفَرْقُ بَيْنَ مَا وُضِعَ لَهُ اللَّفْظُ وَبَيْنَ مَا عَنَاهُ الْمُتَكَلِّمُ بِاللَّفْظِ، وَبَيْنَ مَا يَحْمِلُ الْمُسْتَمِعُ عَلَيْهِ اللَّفْظَ، فَالْمُتَكَلِّمُ إِذَا اسْتَعْمَلَ اللَّفْظَ فِي


(١) و: مُتَخَيَّلٌ.
(٢) فِي هَامِشِ (ر) كَتَبَ مَا يَلِي: " كَلَامٌ فِي أَقْسَامِ الدَّلَالَاتِ الثَّلَاثِ: الْمُطَابَقَةُ وَالتَّضَمُّنُ وَالِالْتِزَامُ ".
(٣) ح، ب، و: وَدَلَالَةُ.
(٤) ح، ب.، و: وَدَلَالَةُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>