للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَبِمَحْبُوبِهِ عَنْ مَحَبَّتِهِ، وَبِمَعْبُودِهِ عَنْ عِبَادَتِهِ، وَنَحْوُ ذَلِكَ، كَمَا يُقَدِّرُ الشَّيْءَ بِخِلَافِ مَا هُوَ عَلَيْهِ، كَمَا إِذَا قَدَّرَ أَنَّ الْجَبَلَ مِنْ يَاقُوتٍ، وَالْبَحْرَ مِنْ زِئْبَقٍ، فَتَقْدِيرُ الْأُمُورِ عَلَى خِلَافِ مَا هِيَ عَلَيْهِ هُوَ تَقْدِيرُ اعْتِقَادَاتٍ بَاطِلَةٍ.

وَالِاعْتِقَادَاتُ الْبَاطِلَةُ لَا (١) تَكُونُ إِلَّا فِي الْأَذْهَانِ، فَمَنْ قَدَّرَ مَاهِيَّةً لَا فِي الذِّهْنِ وَلَا فِي الْخَارِجِ، فَهُوَ مِثْلُ مَنْ قَدَّرَ مَوْجُودًا لَا وَاجِبًا وَلَا مُمْكِنًا، وَلَا قَدِيمًا وَلَا مُحْدَثًا، وَلَا قَائِمًا بِنَفْسِهِ وَلَا قَائِمًا بِغَيْرِهِ، وَهَذَا التَّقْدِيرُ فِي الذِّهْنِ.

وَقَدْ بَسَطْنَا الْكَلَامَ عَلَى ذَلِكَ لَمَّا بَيَّنَّا فَسَادَ احْتِجَاجِ كَثِيرٍ مِنْ أَهْلِ النَّظَرِ بِالتَّقْدِيرَاتِ الذِّهْنِيَّةِ عَلَى الْإِمْكَانَاتِ الْخَارِجِيَّةِ، كَمَا يَقُولُهُ الرَّازِيُّ وَغَيْرُهُ: إِنَّا يُمْكِنُنَا أَنْ نَقُولَ: الْمَوْجُودُ إِمَّا دَاخِلَ الْعَالَمِ، وَإِمَّا خَارِجَ الْعَالَمِ، وَإِمَّا لَا دَاخِلَ الْعَالَمِ وَلَا خَارِجَهُ، وَكُلٌّ (٢) مَوْجُودٍ إِمَّا مُبَايِنٌ لِغَيْرِهِ وَإِمَّا مُحَايِثٌ لَهُ، وَإِمَّا لَا مُبَايِنٌ وَمُحَايِثٌ ; فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى إِمْكَانِ الْقِسْمِ الثَّالِثِ.

وَكَذَلِكَ إِذَا قُلْنَا: الْمَوْجُودُ إِمَّا مُتَحَيِّزٌ وَإِمَّا قَائِمٌ بِالْمُتَحَيِّزِ، وَإِمَّا لَا مُتَحَيِّزٌ، وَلَا قَائِمٌ بِالْمُتَحَيِّزِ. وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى إِمْكَانِ الْقِسْمِ [الثَّالِثِ] (٣) وَهَذَا غَلَطٌ ; فَإِنَّ هَذَا كَقَوْلِ الْقَائِلِ: الْمَوْجُودُ إِمَّا قَائِمٌ بِنَفْسِهِ وَإِمَّا قَائِمٌ بِغَيْرِهِ، وَإِمَّا لَا قَائِمٌ بِنَفْسِهِ وَلَا بِغَيْرِهِ، فَدَلَّ عَلَى إِمْكَانِ الْقِسْمِ الثَّالِثِ، فَإِنَّ هَذَا غَلَطٌ.


(١) وَالِاعْتِقَادَاتُ الْبَاطِلَةُ لَا: عِنْدَ هَذَا الْمَوْضِعِ تَنْتَهِي نُسْخَةُ (و) الْوِلَايَاتِ الْمُتَّحِدَةِ الْأَمْرِيكِيَّةِ فِي ص ٢٨٢ مِنْهَا، كَمَا بَيَّنْتُ ذَلِكَ فِي الْمُقَدِّمَةِ.
(٢) ر، ي: أَوْ كُلُّ.
(٣) الثَّالِثِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن)

<<  <  ج: ص:  >  >>