للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَانَ مُتَعَيِّنًا لِهَذَا الْأَمْرِ. كَمَا قَالَ عُمَرُ: " لَيْسَ فِيكُمْ مَنْ تُقْطَعُ إِلَيْهِ الْأَعْنَاقُ مِثْلُ أَبِي بَكْرٍ ".

وَكَانَ ظُهُورُ فَضِيلَةِ أَبِي بَكْرٍ عَلَى مَنْ سِوَاهُ، وَتَقْدِيمُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَهُ عَلَى سَائِرِ الصَّحَابَةِ أَمْرًا ظَاهِرًا مَعْلُومًا. فَكَانَتْ دَلَالَةُ النُّصُوصِ عَلَى تَعْيِينِهِ تُغْنِي عَنْ مُشَاوَرَةٍ وَانْتِظَارٍ وَتَرَيُّثٍ، بِخِلَافِ غَيْرِهِ فَإِنَّهُ لَا تَجُوزُ مُبَايَعَتُهُ إِلَّا بَعْدَ الْمُشَاوَرَةِ وَالِانْتِظَارِ وَالتَّرَيُّثِ، فَمَنْ بَايَعَ غَيْرَ أَبِي بَكْرٍ عَنْ غَيْرِ انْتِظَارٍ وَتَشَاوُرٍ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ.

وَهَذَا قَدْ جَاءَ مُفَسَّرًا فِي حَدِيثِ عُمَرَ هَذَا فِي خُطْبَتِهِ الْمَشْهُورَةِ الثَّابِتَةِ فِي الصَّحِيحِ، الَّتِي خَطَبَ بِهَا مَرْجِعَهُ مِنَ الْحَجِّ فِي آخِرِ عُمُرِهِ. وَهَذِهِ الْخُطْبَةُ مَعْرُوفَةٌ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَقَدْ رَوَاهَا الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ (١) عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ (٢) : " كُنْتُ أُقْرِئُ رِجَالًا مِنَ الْمُهَاجِرِينَ مِنْهُمْ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ، فَبَيْنَمَا (٣) أَنَا فِي مَنْزِلِهِ (٤) بِمِنًى، وَهُوَ عِنْدُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فِي آخِرِ حَجَّةٍ حَجَّهَا، إِذْ رَجَعَ إِلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ (٥) ،


(١) ن، م: فِي الصَّحِيحِ.
(٢) سَبَقَ الْإِشَارَةُ إِلَى هَذَا الْحَدِيثِ ٣/٣٨٦ (ت ٦) وَالْحَدِيثُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فِي الْبُخَارِيِّ ٨/١٦٨ - ١٧٠ (كِتَابُ الْمُحَارِبِينَ مِنْ أَهْلِ الْكُفْرِ وَالرِّدَّةِ، بَابُ رَجْمِ الْحُبْلَى مِنَ الزِّنَا إِذَا زَنَتْ) ، وَسَأُقَابِلُ النَّصَّ التَّالِيَ عَلَيْهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ، وَجَاءَتْ قِطَعٌ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ فِي مَوَاضِعَ مُخْتَلِفَةٍ فِي الْبُخَارِيِّ (انْظُرْ ط. دَارِ الْقَلَمِ تَحْقِيقُ د. مُصْطَفَى الْبَغَا دِمَشْقَ وَبَيْرُوتَ ١٤٠١/١٩٨١) ، الْأَرْقَامُ ٢٣٣٠، ٣٢٦١، ٣٧١٣، ٣٧٩٦، ٦٤٤١، ٦٨٩٢
(٣) ن، م، ر، ي: فَبَيْنَا، ح: فَيْنَنَا، وَهُوَ تَحْرِيفٌ.
(٤) ح، فِي مَنْزِلِي، وَهُوَ خَطَأٌ.
(٥) بْنِ عَوْفٍ: لَيْسَتْ فِي " الْبُخَارِيِّ ".

<<  <  ج: ص:  >  >>