للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نَسَبًا وَدَارًا، وَقَدْ رَضِيتُ لَكُمْ أَحَدَ هَذَيْنِ الرَّجُلَيْنِ، فَبَايِعُوا أَيَّهُمَا شِئْتُمْ. فَأَخَذَ بِيَدِي وَبِيَدِ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ الْجَرَّاحِ وَهُوَ جَالِسٌ بَيْنَنَا. فَلَمْ أَكْرَهْ مِمَّا قَالَ غَيْرَهَا، كَانَ وَاللَّهِ، أَنْ أُقَدَّمَ فَتُضْرَبَ عُنُقِي لَا يُقَرِّبُنِي ذَلِكَ مِنْ إِثْمٍ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَتَأَمَّرَ عَلَى قَوْمٍ فِيهِمْ أَبُو بَكْرٍ، اللَّهُمَّ إِلَّا أَنْ تُسَوِّلَ لِي (١) نَفْسِي عِنْدَ الْمَوْتِ شَيْئًا لَا أَجِدُهُ (٢) الْآنَ. فَقَالَ قَائِلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ: أَنَا جُذَيْلُهَا الْمُحَكَّكُ وَعُذَيْقُهَا الْمُرَجَّبُ (٣) ، مِنَّا أَمِيرٌ، وَمِنْكُمْ أَمِيرٌ يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ، فَكَثُرَ اللَّغَطُ، وَارْتَفَعَتِ الْأَصْوَاتُ حَتَّى فَرِقْتُ مِنْ الِاخْتِلَافِ، فَقُلْتُ: ابْسُطْ يَدَكَ يَا أَبَا بَكْرٍ. فَبَسَطَ يَدَهُ، فَبَايَعْتُهُ وَبَايَعَهُ الْمُهَاجِرُونَ، ثُمَّ بَايَعْتُهُ (٤) الْأَنْصَارُ، وَنَزَوْنَا (٥) عَلَى سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ، فَقَالَ قَائِلٌ [مِنْهُمْ] (٦) : قَتَلْتُمْ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ. فَقُلْتُ: قَتَلَ اللَّهُ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ. قَالَ عُمَرُ: وَإِنَّا وَاللَّهِ


(١) الْبُخَارِيِّ: إِلَيَّ، " وَفِي قِرَاءَةٍ: لِي ".
(٢) ر: إِلَّا أَجِدُهُ.
(٣) فِي هَامِشِ (ر) ، (ح) كُتِبَ مَا يَلِي: (قَالَهُ (ح) : الْقَائِلُ هُوَ) ، الْحُبَابُ بْنُ مُنْذِرٍ، ذَكَرَهُ أَحْمَدُ (ر: الْإِمَامُ أَحْمَدُ) ، فِي الْمُسْنَدِ، وَفِي هَامِشِ (ي) : " وَذَكَرَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ أَنَّهُ الْحُبَابُ بْنُ الْمُنْذِرِ "، وَقَالَ الشَّيْخُ أَحْمَدُ شَاكِر رَحِمَهُ اللَّهُ فِي شَرْحِ الْحَدِيثِ: " الْجُذَيْلُ تَصْغِيرُ جِذْلٍ، بِكَسْرِ الْجِيمِ وَسُكُونِ الذَّالِ، وَهُوَ الْعُودُ الَّذِي يُنْصَبُ لِلْإِبِلِ الْجَرْبَى لِتَحْتَكَّ بِهِ، وَهُوَ تَصْغِيرُ تَعْظِيمٍ، أَيْ أَنَا مِمَّنْ يُسْتَشْفَى بِرَأْيهِ، كَمَا تُسْتَشْفَى الْإِبِلُ الْجَرْبَى بِالِاحْتِكَاكِ بِهَذَا الْعُودِ، وَقِيلَ: أَرَادَ أَنَّهُ شَدِيدُ الْبَأْسِ صُلْبُ الْمَكْسَرِ، الْعُذَيْقُ: تَصْغِيرُ الْعَذْقِ، بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَسُكُونِ الذَّالِ، وَهُوَ النَّخْلَةُ، وَهُوَ تَصْغِيرُ تَعْظِيمٍ أَيْضًا، الْمُرَجَّبُ: مِنَ التَّرْجِيبِ، وَهُوَ أَنْ تُعَمَّدَ النَّخْلَةُ الْكَرِيمَةُ بِبِنَاءٍ مِنْ حِجَارَةٍ أَوَ خَشَبٍ إِذَا خِيفَ عَلَيْهَا لِطُولِهَا وَكَثْرَةِ حِمْلِهَا أَنْ تَقَعَ.
(٤) ح، ر، ي، ن: ثُمَّ بَايَعَهُ.
(٥) قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: " وَنَزَوْنَا: بِنُونٍ وَزَايٍ مَفْتُوحَةٍ أَيْ: وَثَبْنَا ".
(٦) مِنْهُمْ: فِي (ب) وَالْبُخَارِيِّ فَقَطْ.

<<  <  ج: ص:  >  >>