للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَالْفَاعِلُ لِلْمَلْزُومِ هُوَ الْفَاعِلُ لِلَازِمِهِ لَمْ يَكُنِ الْمَلْزُومُ عِلَّةً فَاعِلَةً لِلَّازِمِ.

وَقَوْلُهُمْ: (هَذَا الِاقْتِضَاءُ مِنْ لَوَازِمِ الْمُثَلَّثِ) إِنْ أَرَادُوا بِالِاقْتِضَاءِ وَالتَّعْلِيلِ الِاسْتِلْزَامَ فَهُوَ حَقٌّ، وَلَا حُجَّةَ فِيهِ، وَإِنْ أَرَادُوا أَنَّهُ عِلَّةٌ فَاعِلَةٌ (١) ، فَهَذَا مَعْلُومُ الْفَسَادِ، وَأَمَّا الْأَسْبَابُ وَالْمُسَبَّبَاتُ الْمَوْجُودَةُ فِي الْخَارِجِ. كَمَا فِي سُوءِ الْمَزَاجِ وَالْأَلَمِ، فَمَنِ الَّذِي سَلَّمَ أَنَّ زَمَانَهُمَا وَاحِدٌ؟ . وَالْمُسْتَدِلُّونَ أَنْفُسُهُمْ قَدْ قَالُوا فِي حُجَّتِهِمْ: إِنَّ وُجُودَ الْأَلَمِ عَقِبَ سُوءِ الْمَزَاجِ، وَمَا يُوجَدُ عَقِبَ الشَّيْءِ يَكُونُ وُجُودُهُ بَعْدَهُ، لَكِنَّ غَايَتَهُ أَنْ يَكُونَ بِلَا فَصْلٍ، لَكِنْ لَا يَكُونُ مَعَهُ فِي الزَّمَانِ، فَإِنَّ مَا مَعَ الشَّيْءِ فِي الزَّمَانِ لَا يُقَالُ: إِنَّهُ [إِنَّمَا] (٢) يُوجَدُ عَقِبَهُ.

وَهَكَذَا الْقَوْلُ فِي كُلِّ الْأَسْبَابِ لَا نُسَلِّمُ أَنَّ زَمَانَ وُجُودِهَا كُلِّهَا هُوَ زَمَانُ وُجُودِ الْمُسَبَّبَاتِ، بَلْ لَا بُدَّ مِنْ حُصُولِ تَقَدُّمٍ زَمَانِيٍّ (٣) ، وَكَذَلِكَ الْكَسْرُ وَالِانْكِسَارُ وَالْإِحْرَاقُ وَالِاحْتِرَاقُ، فَإِنَّ الْكَسْرَ هُوَ فِعْلُ الْكَاسِرِ الَّذِي يَقُومُ بِهِ مِثْلُ الْحَرَكَةِ الْقَائِمَةِ بِالْإِنْسَانِ وَالِانْكِسَارَ هُوَ التَّفَرُّقُ الْحَاصِلُ بِالْمَكْسُورِ، وَذَلِكَ يَحْصُلُ بِحَرَكَةٍ فِي زَمَانٍ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ زَمَانَ تِلْكَ الْحَرَكَةِ قَبْلَ زَمَانِ هَذِهِ لَكِنْ قَدْ يَتَّصِلُ الزَّمَانُ بِالزَّمَانِ، وَالْمُتَّصِلُ يُقَالُ: إِنَّهُ مَعَهُ لَكِنْ فَرْقٌ بَيْنَ [مَا يَكُونُ زَمَانُهُمَا وَاحِدًا] (٤) ، وَمَا يَكُونُ زَمَانُهُمَا مُتَعَاقِبًا.

وَمِنَ الْأَسْبَابِ مَا يَقْتَضِي مُسَبَّبَهُ شَيْئًا فَشَيْئًا، فَإِذَا كَمُلَ السَّبَبُ كَمُلَ مُسَبَّبُهُ مِثْلُ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ مَعَ الشِّبَعِ وَالرِّيِّ وَالسُّكْرِ، فَكُلَّمَا حَصَلَ بَعْضُ


(١) ن (فَقَطْ) : لَازِمَةٌ.
(٢) إِنَّمَا: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(٣) ن (فَقَطْ) : زَمَانَ.
(٤) مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ن) فَقَطْ.

<<  <  ج: ص:  >  >>