للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمُسْلِمِينَ مِنْ بَنِي جَذِيمَةَ لِلتَّأْوِيلِ (١) ، فَلِأَنْ لَا يَقْتُلَهُ أَبُو بَكْرٍ لِقَتْلِهِ مَالِكَ بْنَ نُوَيْرَةَ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى وَالْأَحْرَى.

وَقَدْ تَقَدَّمَ مَا ذَكَرَهُ هَذَا الرَّافِضِيُّ مِنْ فِعْلِ خَالِدٍ بِبَنِي جَذِيمَةَ، وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَقْتُلْهُ، فَكَيْفَ لَمْ يَجْعَلْ ذَلِكَ حُجَّةً لِأَبِي بَكْرٍ فِي أَنْ لَا يَقْتُلَهُ؟ ! لَكِنْ مَنْ كَانَ مُتَّبِعًا لِهَوَاهُ أَعْمَاهُ عَنِ اتِّبَاعِ الْهُدَى.

وَقَوْلُهُ: إِنَّ عُمَرَ أَشَارَ بِقَتْلِهِ.

فَيُقَالُ: غَايَةُ هَذَا أَنْ تَكُونَ مَسْأَلَةَ اجْتِهَادٍ، كَانَ رَأْيُ أَبِي بَكْرٍ فِيهَا أَنْ لَا يُقْتَلَ خَالِدًا، وَكَانَ رَأْيُ عُمَرَ فِيهَا قَتْلَهُ، وَلَيْسَ عُمَرُ بِأَعْلَمَ مِنْ أَبِي بَكْرٍ: لَا عِنْدَ السُّنَّةِ (٢) ، وَلَا عِنْدَ الشِّيعَةِ، وَلَا يَجِبُ عَلَى أَبِي بَكْرٍ تَرْكُ رَأْيِهِ لِرَأْيِ عُمَرَ، وَلَمْ يَظْهَرْ بِدَلِيلٍ شَرْعِيٍّ أَنَّ قَوْلَ عُمَرَ هُوَ الرَّاجِحُ، فَكَيْفَ يَجُوزُ أَنْ يَجْعَلَ مِثْلَ هَذَا عَيْبًا لِأَبِي بَكْرٍ إِلَّا مَنْ هُوَ مِنْ أَقَلِّ النَّاسِ عِلْمًا وَدِينًا؟

وَلَيْسَ عِنْدَنَا أَخْبَارٌ صَحِيحَةٌ ثَابِتَةٌ بِأَنَّ الْأَمْرَ جَرَى عَلَى وَجْهٍ يُوجِبُ قَتْلَ خَالِدٍ.

وَأَمَّا مَا ذَكَرَهُ مِنْ تَزَوُّجِهِ بِامْرَأَتِهِ لَيْلَةَ قَتْلِهِ، فَهَذَا مِمَّا لَمْ يُعْرَفْ ثُبُوتُهُ، وَلَوْ ثَبَتَ لَكَانَ هُنَاكَ تَأْوِيلٌ يَمْنَعُ الرَّجْمَ، وَالْفُقَهَاءُ مُخْتَلِفُونَ فِي عِدَّةِ الْوَفَاةِ: هَلْ تَجِبُ لِلْكَافِرِ؟ عَلَى قَوْلَيْنِ. وَكَذَلِكَ تَنَازَعُوا: هَلْ يَجِبُ عَلَى الذِّمِّيَّةِ عِدَّةُ وَفَاةٍ؟ عَلَى قَوْلَيْنِ مَشْهُورَيْنِ لِلْمُسْلِمِينَ (٣) بِخِلَافِ عِدَّةِ الطَّلَاقِ ; فَإِنَّ تِلْكَ سَبَبُهَا (٤) الْوَطْءُ، فَلَا بُدَّ مِنْ بَرَاءَةِ الرَّحِمِ. وَأَمَّا عِدَّةُ الْوَفَاةِ فَتَجِبُ


(١) ن، م: مَعَ التَّأْوِيلِ.
(٢) ب: السُّنِّيَّةِ.
(٣) ح ر، ي: فِي الْمُسْلِمِينَ.
(٤) ح، ب: بِسَبَبِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>