للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[سُورَةُ الْأَعْرَافِ: ١٢٩] ، وَقَالَ تَعَالَى: {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ} [سُورَةُ النُّورِ: ٥٥] ، وَقَالَ لِلْمَلَائِكَةِ: {إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً} [سُورَةُ الْبَقَرَةِ: ٣٠] ، وَقَالَ: {يَادَاوُدُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ} [سُورَةُ ص: ٢٦] .

فَغَالِبُ هَذِهِ الْمَوَاضِعِ لِيَكُونَ الثَّانِي خَلِيفَةً عَنِ الْأَوَّلِ، وَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ لَمْ يَسْتَخْلِفْهُ.

وَسُمِّيَ الْخَلِيفَةُ خَلِيفَةً ; لِأَنَّهُ يَخْلُفُ مَنْ قَبْلَهُ، وَاللَّهُ تَعَالَى جَعَلَهُ يَخْلُفُهُ، كَمَا جَعَلَ اللَّيْلَ يَخْلُفُ النَّهَارَ، وَالنَّهَارَ يَخْلُفُ اللَّيْلَ، لَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ خَلِيفَةٌ عَنِ اللَّهِ، كَمَا ظَنَّهُ بَعْضُ النَّاسِ، كَمَا قَدْ بَسَطْنَاهُ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ.

وَالنَّاسُ يُسَمُّونَ وُلَاةَ أُمُورِ الْمُسْلِمِينَ الْخُلَفَاءَ. وَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " «عَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ مِنْ بَعْدِي» " (١) .

وَمَعْلُومٌ أَنَّ عُثْمَانَ لَمْ يَسْتَخْلِفْ عَلِيًّا، وَعُمَرُ لَمْ يَسْتَخْلِفْ وَاحِدًا مُعَيَّنًا، وَكَانَ يَقُولُ: " إِنْ أَسْتَخْلِفْ فَإِنَّ أَبَا بَكْرٍ اسْتَخْلَفَ، وَإِنْ لَمْ أَسْتَخْلِفْ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَسْتَخْلِفْ ".

وَكَانَ مَعَ هَذَا يَقُولُ لِأَبِي بَكْرٍ: يَا خَلِيفَةَ رَسُولِ اللَّهِ.

وَكَذَلِكَ خُلَفَاءُ بَنِي أُمَيَّةَ وَبَنِي الْعَبَّاسِ، كَثِيرٌ مِنْهُمْ لَمْ يَسْتَخْلِفْهُ مَنْ قَبْلَهُ. فَعُلِمَ أَنَّ الِاسْمَ عَامٌّ فِيمَنْ خَلَفَ غَيْرَهُ.


(١) سَبَقَ هَذَا الْحَدِيثُ فِيمَا مَضَى ٤/١٦٤

<<  <  ج: ص:  >  >>