للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَعَنْهُ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: " لَا أُوتَى بِأَحَدٍ يُفَضِّلُنِي عَلَى أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ إِلَّا جَلَدْتُهُ جَلْدَ الْمُفْتَرِي " (١) .

وَفِي السُّنَنِ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: " «اقْتَدُوا بِاللَّذَيْنِ مِنْ بَعْدِي أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ» " (٢) .

وَلِهَذَا كَانَ أَحَدُ قَوْلَيِ الْعُلَمَاءِ - وَهُوَ إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَحْمَدَ - أَنَّ قَوْلَهُمَا إِذَا اتَّفَقَا حُجَّةٌ لَا يَجُوزُ الْعُدُولُ عَنْهَا. وَهَذَا أَظْهَرُ الْقَوْلَيْنِ. كَمَا أَنَّ الْأَظْهَرَ أَنَّ اتِّفَاقَ الْخُلَفَاءِ الْأَرْبَعَةِ أَيْضًا حُجَّةٌ لَا يَجُوزُ خِلَافُهَا، لِأَمْرِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِاتِّبَاعِ سُنَّتِهِمْ.

وَكَانَ نَبِيُّنَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَبْعُوثًا بِأَعْدَلِ الْأُمُورِ وَأَكْمَلِهَا، فَهُوَ الضَّحُوكُ الْقَتَّالُ، وَهُوَ نَبِيُّ الرَّحْمَةِ، وَنَبِيُّ الْمَلْحَمَةِ. بَلْ أُمَّتُهُ مَوْصُوفُونَ بِذَلِكَ فِي مِثْلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ} [سُورَةُ الْفَتْحِ: ٢٩]

[وَقَوْلِهِ تَعَالَى] (٣) : {أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ} [سُورَةُ الْمَائِدَةِ: ٥٤] . فَكَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَجْمَعُ بَيْنَ شِدَّةِ هَذَا وَلِينِ هَذَا، فَيَأْمُرُ بِمَا هُوَ الْعَدْلُ (٤) ، وَهُمَا يُطِيعَانِهِ، فَتَكُونُ أَفْعَالُهُمَا عَلَى كَمَالِ الِاسْتِقَامَةِ، فَلَمَّا قَبَضَ اللَّهُ نَبِيَّهُ، وَصَارَ كُلٌّ مِنْهُمَا خَلِيفَةً عَلَى الْمُسْلِمِينَ خِلَافَةَ نُبُوَّةٍ، كَانَ مِنْ كَمَالِ أَبِي بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنْ (٥) يُوَلِّيَ


(١) سَبَقَ هَذَا الْأَثَرُ فِيمَا مَضَى ١/٣٠٨ وَجَاءَ الْأَثَرُ مَعَ اخْتِلَافٍ فِي اللَّفْظِ، فِي فَضَائِلِ الصَّحَابَةِ ١/٨٣ رَقْمُ ٤٩ وَضَعَّفَ الْمُحَقِّقُ إِسْنَادَهُ.
(٢) سَبَقَ هَذَا الْحَدِيثُ فِيمَا مَضَى ١/٤٨٩
(٣) وَقَوْلِهِ تَعَالَى: فِي (ب) فَقَطْ.
(٤) ن، م: الْغَالِبُ.
(٥) ر: أَنَّهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>