للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُعَيِّنَ وَاحِدًا مِنْهُمْ وَيَكُونُ غَيْرُهُ أَصْلَحَ لَهُمْ، فَإِنَّهُ] (١) ظَهَرَ لَهُ (٢) رُجْحَانُ السِّتَّةِ دُونَ رُجْحَانِ التَّعْيِينِ، وَقَالَ: الْأَمْرُ فِي التَّعْيِينِ إِلَى السِّتَّةِ يُعِيِّنُونَ وَاحِدًا مِنْهُمْ.

وَهَذَا أَحْسَنُ، اجْتِهَادُ إِمَامٍ عَالِمٍ عَادِلٍ نَاصِحٍ لَا هَوَى لَهُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.

وَأَيْضًا فَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ} [سُورَةُ الشُّورَى: ٣٨] ، وَقَالَ: {وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ} [سُورَةُ آلِ عِمْرَانَ: ١٥٩] . فَكَانَ مَا فَعَلَهُ مِنَ الشُّورَى مَصْلَحَةً، وَكَانَ مَا فَعَلَهُ أَبُو بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مِنْ تَعْيِينِ عُمَرَ هُوَ الْمَصْلَحَةَ أَيْضًا؛ فَإِنَّ أَبَا بَكْرٍ تَبَيَّنَ لَهُ مِنْ كَمَالِ عُمَرَ وَفَضْلِهِ وَاسْتِحْقَاقِهِ لِلْأَمْرِ مَا لَمْ يَحْتَجْ مَعَهُ إِلَى الشُّورَى، وَظَهَرَ أَثَرُ هَذَا الرَّأْيِ الْمُبَارَكِ الْمَيْمُونِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، فَإِنَّ كُلَّ عَاقِلٍ مُنْصِفٍ يَعْلَمُ أَنَّ عُثْمَانَ أَوْ عَلِيًّا أَوْ طَلْحَةَ أَوِ الزُّبَيْرَ أَوْ سَعْدًا أَوْ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ لَا يَقُومُ (٣) مَقَامَ عُمَرَ، فَكَانَ تَعْيِينُ عُمَرَ فِي الِاسْتِحْقَاقِ كَتَعْيِينِ أَبِي بَكْرٍ فِي مُبَايَعَتِهِمْ لَهُ.

وَلِهَذَا قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: " أَفْرَسُ النَّاسِ ثَلَاثَةٌ: بِنْتُ صَاحِبِ مَدْيَنَ حَيْثُ قَالَتْ: {يَاأَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ} [سُورَةُ الْقَصَصِ: ٢٦] وَامْرَأَةُ الْعَزِيزِ حَيْثُ قَالَتْ: {عَسَى أَنْ يَنْفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا} [سُورَةُ الْقَصَصِ: ٩] وَأَبُو بَكْرٍ حَيْثُ اسْتَخْلَفَ عُمَرَ " (٤) .


(١) مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(٢) ن، م: فَظَهَرَ لَهُ.
(٣) لَا يَقُومُ: كَذَا فِي (ح) ، (ب) ، وَفِي سَائِرِ النُّسَخِ: لَا يَقُومُونَ.
(٤) انْظُرْ كَلَامِي عَلَى هَذَا الْأَثَرِ فِيمَا مَضَى مِنْ قَبْلُ فِي هَذَا الْجُزْءِ ص ٥٤

<<  <  ج: ص:  >  >>