للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صَفَاةً (١) ، وَلَا قَصَفُوا لَهُ قَنَاةً، وَمَرَّ عَلَى سِيسَائِهِ (٢) ، حَتَّى إِذَا ضَرَبَ الدِّينُ بِجِرَانِهِ (٣) ، وَأَلْقَى بَرْكَهُ (٤) ، وَرَسَتْ (٥) أَوْتَادُهُ، وَدَخْلَ النَّاسُ فِيهِ أَفْوَاجًا، وَمِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ أَرْسَالًا وَأَشْتَاتًا (٦) ، اخْتَارَ اللَّهُ لِنَبِيِّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا عِنْدَهُ. فَلَمَّا قَبَضَ اللَّهُ نَبِيَّهُ نَصَبَ الشَّيْطَانُ رُوَاقَهُ (٧) ، وَمَدَّ طُنُبَهُ (٨) ، وَنَصَبَ حَبَائِلَهُ (٩) ، فَظَنَّ رِجَالٌ أَنْ قَدْ تَحَقَّقَتْ أَطْمَاعُهُمْ، وَلَاتَ (١٠) حِينَ الَّذِي يَرْجُونَ، وَأَنَّى وَالصِّدِّيقُ بَيْنَ أَظْهُرِهِمْ، فَقَامَ حَاسِرًا مُشَمِّرًا، فَجَمَعَ حَاشِيَتَهُ وَرَفَعَ قُطْرَيْهِ (١١) ، فَرَدَّ (١٢) نَشْرَ الْإِسْلَامِ عَلَى غَرِّهِ (١٣) ، وَلَمَّ شَعَثَهُ


(١) ن، م: فَمَا فَاصُوالَهُ صَفَاةً، وَهُوَ تَحْرِيفٌ، وَالْمَعْنَى: أَنَّهُمْ عَجَزُوا عَنْ أَنْ يَكْسِرُوا لَهُ حَجَرًا، وَالصَّفَاةُ: صَخْرَةٌ مَلْسَاءُ.
(٢) سِيسَاءُ الظَّهْرِ مِنَ الدَّوَابِّ: مُجْتَمَعُ وَسَطِهِ، وَهُوَ مَوْضِعُ الرُّكُوبِ.
(٣) الْجِرَانُ: بَاطِنُ الْعُنُقِ: أَيْ: قَرَّ قَرَارُهُ وَاسْتَقَامَ، وَذَلِكَ أَنَّ الْبَعِيرَ إِذَا بَرَكَ وَاسْتَرَاحَ مَدَّ عُنُقَهُ عَلَى الْأَرْضِ.
(٤) الْبَرْكُ: الصَّدْرُ.
(٥) وَرَسَتْ: أَيْ: وَثَبَتَتْ.
(٦) أَرْسَالًا: جَمْعُ رَسَلٍ وَهُوَ فِي الْأَصْلِ الْقَطِيعُ مِنَ الْإِبِلِ وَالْغَنَمِ، فَاسْتُعِيرَ لِلْجَمَاعَةِ مِنَ النَّاسِ وَأَشْتَاتًا: مُتَفَرِّقِينَ.
(٧) الرَّوْقُ وَالرُّوَاقُ: مَا بَيْنَ يَدَيِ الْبَيْتِ.
(٨) الطُّنُبُ: الْحَبْلُ الَّذِي تُشَدُّ بِهِ أَطْرَافُ الْخَيْمَةِ.
(٩) أَيْ مَصَايِدَهُ: وَاحِدُهَا حِبَالَةٌ بِكَسْرِ الْحَاءِ.
(١٠) لَاتَ: كَلِمَةٌ مَعْنَاهَا لَيْسَ، وَقِيلَ: إِنَّهَا " لَا " زِيدَتْ عَلَيْهَا التَّاءُ.
(١١) فِي جَمِيعِ النُّسَخِ: وَرَفَعَ فِطْرَتَهُ، وَالَّذِي أَثْبَتُّهُ قِرَاءَةٌ فِي الرِّيَاضِ النَّضِرَةِ، وَقَالَ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ فِي شَرْحِهِ: وَقُطْرَا الشَّيْءِ: جَانِبَاهُ، وَكَتَبَهَا الْأُسْتَاذُ مُحِبُّ الدِّينِ الْخَطِيب " وَضَمَّ قُطْرَيْهِ " وَقَالَ: صَحَّحْنَاهَا مِنَ النِّهَايَةِ لِابْنِ الْأَثِيرِ.
(١٢) ن، م: وَرَدَّ.
(١٣) عَلَى غَرِّهِ: كَذَا فِي (ب) ، وَفِي سَائِرِ النُّسَخِ، عَلَى عَرَبِ، (ح: عَرَبِهِ) ، وَيُقَالُ: طَوَى الثَّوْبَ عَلَى غَرِّهِ الْأَوَّلِ، أَيْ كَمَا كَانَ مَطْوِيًّا، وَالْمُرَادُ أَنَّهُ أَعَادَهُ إِلَى حَالَتِهِ الَّتِي كَانَتْ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>