للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْأُمَمِ قَبْلَنَا بَنُو إِسْرَائِيلَ، وَكَانَ فِيهِمْ مِنَ الْفَسَادِ وَالشَّرِّ مَا قَدْ عُلِمَ بَعْضُهُ.

وَأَمَّتُنَا خَيْرُ الْأُمَمِ وَأَكْرَمُهَا عَلَى اللَّهِ، وَخَيْرُهَا الْقُرُونُ الثَّلَاثَةُ، وَأَفْضَلُهُمُ الصَّحَابَةُ. وَفِي أُمَّتِنَا شَرُّ كَثِيرٌ، لَكِنَّهُ أَقَلُّ مِنْ شَرِّ بَنِي إِسْرَائِيلَ، وَشَرُّ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَقَلُّ مِنْ شَرِّ الْكُفَّارِ الَّذِينَ لَمْ يَتَّبِعُوا نَبِيًّا كَفِرْعَوْنَ وَقَوْمِهِ. وَكُلُّ خَيْرٍ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ فَفِي أُمَّتِنَا خَيْرٌ مِنْهُ. وَكَذَلِكَ أَوَّلُ هَذِهِ الْأَمَةِ وَآخِرُهَا، فَكُلُّ خَيْرٍ مِنَ الْمُتَأَخِّرِينَ فَفِي الْمُتَقَدِّمِينَ مَا هُوَ خَيْرٌ مِنْهُ، وَكُلُّ شَرٍّ فِي الْمُتَقَدِّمِينَ فَفِي الْمُتَأَخِّرِينَ مَا هُوَ شَرٌّ مِنْهُ. وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [سُورَةُ التَّغَابُنِ: ١٦] .

وَلَا رَيْبَ أَنَّ السِّتَّةَ الَّذِينَ تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ عَنْهُمْ رَاضٍ، الَّذِينَ عَيَّنَهُمْ عُمَرُ، لَا يُوجَدُ أَفْضَلُ مِنْهُمْ، وَإِنْ كَانَ فِي كُلٍّ مِنْهُمْ مَا كَرِهَهُ، فَإِنَّ غَيْرَهُمْ يَكُونُ فِيهِ مِنَ الْمَكْرُوهِ أَعْظَمُ. وَلِهَذَا لَمْ يَتَوَلَّ بَعْدَ عُثْمَانَ خَيْرٌ مِنْهُ وَلَا أَحْسَنُ سِيرَةً، وَلَا تَوَلَّى بَعْدَ عَلِيٍّ خَيْرٌ مِنْهُ (١) ، وَلَا تَوَلَّى مَلِكٌ مِنْ مُلُوكِ الْمُسْلِمِينَ أَحْسَنُ سِيرَةً مِنْ مُعَاوِيَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، كَمَا ذَكَرَ النَّاسُ سِيرَتَهُ وَفَضَائِلَهُ.

وَإِذَا كَانَ الْوَاحِدُ مِنْ هَؤُلَاءِ لَهُ ذُنُوبٌ، فَغَيْرُهُمْ أَعْظَمُ ذُنُوبًا، وَأَقَلُّ حَسَنَاتٍ. فَهَذَا مِنَ الْأُمُورِ الَّتِي يَنْبَغِي أَنْ تُعْرَفَ، فَإِنَّ الْجَاهِلَ بِمَنْزِلَةِ الذُّبَابِ الَّذِي لَا يَقَعُ إِلَّا عَلَى الْعَقِيرِ (٢) وَلَا يَقَعُ عَلَى الصَّحِيحِ. وَالْعَاقِلُ يَزِنُ الْأُمُورَ جَمِيعًا: هَذَا وَهَذَا.


(١) ح، ر، ب، ي: بَعْدَ عَلِيٍّ مِثْلُهُ.
(٢) فِي جَمِيعِ النُّسَخِ: الْعَقَرِ، وَهُوَ خَطَأٌ، وَلَعَلَّ الصَّوَابَ مَا أَثْبَتُّهُ، وَالْعَقِيرُ: الْجَرِيحُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>