للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْمَعْلُومُ مِنْ فَضَائِلِ عُثْمَانَ، وَمَحَبَّةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَهُ، وَثَنَائِهِ عَلَيْهِ، وَتَخْصِيصِهِ بِابْنَتَيْهِ، وَشَهَادَتِهِ لَهُ بِالْجَنَّةِ، وَإِرْسَالِهِ إِلَى مَكَّةَ، وَمُبَايَعَتِهِ لَهُ عَنْهُ لَمَّا أَرْسَلَهُ إِلَى مَكَّةَ، وَتَقْدِيمِ الصَّحَابَةِ لَهُ بِاخْتِيَارِهِمْ فِي الْخِلَافَةِ، وَشَهَادَةِ عُمَرَ وَغَيْرِهِ لَهُ بِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَاتَ وَهُوَ عَنْهُ رَاضٍ، وَأَمْثَالُ ذَلِكَ مِمَّا يُوجِبُ الْعِلْمَ الْقَطْعِيَّ بِأَنَّهُ مِنْ كِبَارِ أَوْلِيَاءِ اللَّهِ الْمُتَّقِينَ، الَّذِينَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ، فَلَا يُدْفَعُ هَذَا بِنَقْلٍ لَا يَثْبُتُ إِسْنَادُهُ، وَلَا يُعْرَفُ كَيْفَ وَقَعَ، وَيُجْعَلُ لِعُثْمَانَ ذَنْبٌ بِأَمْرٍ لَا يُعْرَفُ حَقِيقَتُهُ، بَلْ مِثْلُ هَذَا مِثْلُ الَّذِينَ يُعَارِضُونَ الْمُحْكَمَ بِالْمُتَشَابِهِ، وَهَذَا مِنْ فِعْلِ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ، الَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْفِتْنَةَ.

(* وَلَا رَيْبَ أَنَّ الرَّافِضَةَ مِنْ شِرَارِ الزَّائِغِينَ الَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْفِتْنَةَ *) (١) الَّذِينَ ذَمَّهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ.

وَبِالْجُمْلَةِ، فَنَحْنُ نَعْلَمُ قَطْعًا أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَكُنْ يَأْمُرُ بِنَفْيِ أَحَدٍ دَائِمًا ثُمَّ يَرُدُّهُ عُثْمَانُ مَعْصِيَةً لِلَّهِ وَرَسُولِهِ، وَلَا يُنْكِرُ ذَلِكَ عَلَيْهِ الْمُسْلِمُونَ. وَكَانَ عُثْمَانُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَتْقَى لِلَّهِ مِنْ أَنْ يُقْدِمَ عَلَى مِثْلِ هَذَا (٢) ، بَلْ هَذَا مِمَّا يَدْخُلُهُ الِاجْتِهَادُ، فَلَعَلَّ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - لَمْ يَرُدَّاهُ لِأَنَّهُ لَمْ يَطْلُبْ ذَلِكَ مِنْهُمَا، وَطَلَبَهُ مِنْ عُثْمَانَ، فَأَجَابَهُ إِلَى ذَلِكَ، أَوْ لَعَلَّهُ لَمْ يَتَبَيَّنْ لَهُمَا تَوْبَتُهُ، وَتَبَيَّنَ ذَلِكَ لِعُثْمَانَ. وَغَايَةُ مَا يُقَدَّرُ أَنْ يَكُونَ هَذَا خَطَأً مِنَ الِاجْتِهَادِ أَوْ ذَنْبًا، وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى ذَلِكَ.


(١) مَا بَيْنَ النَّجْمَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ح) ، (ر) .
(٢) ن، م: ذَلِكَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>