للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإِذَا كَانَ الْهُرْمُزَانُ مِمَّنْ أَعَانَ عَلَى قَتْلِ عُمَرَ جَازَ قَتْلُهُ فِي أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ قِصَاصًا. وَعُمَرُ هُوَ الْقَائِلُ فِي الْمَقْتُولِ بِصَنْعَاءَ: " لَوْ تَمَالَأَ عَلَيْهِ أَهْلُ صَنْعَاءَ لَأَقَدْتُهُمْ بِهِ ".

وَأَيْضًا فَقَدْ تَنَازَعَ النَّاسُ فِي قَتْلِ الْأَئِمَّةِ: هَلْ يُقْتَلُ قَاتِلُهُمْ حَدًّا أَوْ قِصَاصًا؟ عَلَى قَوْلَيْنِ فِي مَذْهَبِ أَحْمَدَ وَغَيْرِهِ. أَحَدُهُمَا: أَنَّهُمْ يُقْتَلُونَ حَدًّا، كَمَا يُقْتَلُ الْقَاتِلُ فِي الْمُحَارَبَةِ حَدًّا، لِأَنَّ قَتْلَ الْأَئِمَّةِ فِيهِ فَسَادٌ عَامٌّ أَعْظَمُ مِنْ فَسَادِ قُطَّاعِ الطَّرِيقِ، فَكَانَ قَاتِلُهُمْ مُحَارِبًا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ، سَاعِيًا فِي الْأَرْضِ فَسَادًا. وَعَلَى هَذَا خَرَّجُوا فِعْلَ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - لَمَّا قَتَلَ ابْنَ مُلْجَمٍ قَاتِلَ عَلِيٍّ، وَكَذَلِكَ قَتْلُ قَتَلَةِ عُثْمَانَ.

وَإِذَا كَانَ الْهُرْمُزَانُ مِمَّنْ أَعَانَ عَلَى قَتْلِ عُمَرَ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ الْمُحَارِبِينَ، فَيَجِبُ قَتْلُهُ لِذَلِكَ. وَلَوْ قُدِّرَ أَنَّ الْمَقْتُولَ مَعْصُومُ [الدَّمِ] يَحْرُمُ قَتْلُهُ (١) ، [لَكِنْ] (٢) كَانَ الْقَاتِلُ مُتَأَوِّلًا يَعْتَقِدُ (٣) حِلَّ قَتْلِهِ لِشُبْهَةٍ ظَاهِرَةٍ، صَارَ ذَلِكَ شُبْهَةً تَدْرَأُ الْقَتْلَ عَنِ الْقَاتِلِ. كَمَا أَنَّ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ لَمَّا قَتَلَ [ذَلِكَ] (٤) الرَّجُلَ بَعْدَمَا قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَاعْتَقَدَ أَنَّ هَذَا الْقَوْلَ لَا يَعْصِمُهُ، عَزَّرَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْكَلَامِ، وَلَمْ يَقْتُلْهُ لِأَنَّهُ كَانَ مُتَأَوِّلًا، لَكِنَّ الَّذِي قَتَلَهُ أُسَامَةُ كَانَ مُبَاحًا قَبْلَ الْقَتْلِ، فَشَكَّ فِي الْعَاصِمِ.


(١) ن، م: وَلَوْ قُدِّرَ أَنَّ الْمَفْضُولَ مَعْصُومٌ يَحْرُمُ، (م: مُحَرَّمٌ) ، قَتْلُهُ، ح، ر: وَإِنْ قُدِّرَ أَنَّ الْمَقْتُولَ مَعْصُومُ الدَّمِ لَكِنَّ قَتْلَهُ يَحْرُمُ.
(٢) لَكِنْ: فِي (ب) فَقَطْ.
(٣) ب: وَيَعْتَقِدُ.
(٤) ذَلِكَ: لَيْسَتْ فِي (ن) ، (م) .

<<  <  ج: ص:  >  >>