للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَمِنَ الْعَجَبِ أَنَّ دَمَ الْهُرْمُزَانِ الْمُتَّهَمِ بِالنِّفَاقِ، وَالْمُحَارَبَةِ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ، وَالسَّعْيِ فِي الْأَرْضِ بِالْفَسَادِ، تُقَامُ فِيهِ الْقِيَامَةُ، وَدَمُ عُثْمَانَ يُجْعَلُ لَا حُرْمَةَ لَهُ، وَهُوَ إِمَامُ الْمُسْلِمِينَ، الْمَشْهُودُ لَهُ بِالْجَنَّةِ، الَّذِي هُوَ - وَإِخْوَانُهُ - أَفْضَلُ الْخَلْقِ بَعْدَ النَّبِيِّينَ!

وَمِنَ الْمَعْلُومِ بِالتَّوَاتُرِ أَنَّ عُثْمَانَ كَانَ مِنْ أَكَفِّ النَّاسِ عَنِ الدِّمَاءِ، وَأَصْبَرِ النَّاسِ عَلَى مَنْ نَالَ (١) مِنْ عِرْضِهِ، وَعَلَى مَنْ سَعَى فِي دَمِهِ فَحَاصَرُوهُ وَسَعَوْا (٢) فِي قَتْلِهِ، وَقَدْ عَرَفَ إِرَادَتَهُمْ لِقَتْلِهِ، وَقَدْ جَاءَهُ الْمُسْلِمُونَ مِنْ كُلِّ نَاحِيَةٍ يَنْصُرُونَهُ وَيُشِيرُونَ عَلَيْهِ بِقِتَالِهِمْ، وَهُوَ يَأْمُرُ النَّاسَ بِالْكَفِّ عَنِ الْقِتَالِ، وَيَأْمُرُ مَنْ يُطِيعُهُ أَنْ لَا يُقَاتِلَهُمْ. وَرُوِيَ أَنَّهُ قَالَ لِمَمَالِيكِهِ: مَنْ كَفَّ يَدَهُ فَهُوَ حُرٌّ. وَقِيلَ لَهُ: تَذْهَبُ إِلَى مَكَّةَ؟ فَقَالَ: لَا أَكُونُ مِمَّنْ أَلْحَدَ فِي الْحَرَمِ. فَقِيلَ لَهُ: تَذْهَبُ إِلَى الشَّامِ؟ فَقَالَ: لَا أُفَارِقُ دَارَ هِجْرَتِي. فَقِيلَ لَهُ: فَقَاتِلْهُمْ. فَقَالَ: لَا أَكُونُ أَوَّلَ مَنْ خَلَفَ مُحَمَّدًا فِي أُمَّتِهِ بِالسَّيْفِ.

فَكَانَ صَبْرُ عُثْمَانَ حَتَّى قُتِلَ مِنْ أَعْظَمِ فَضَائِلِهِ عِنْدَ الْمُسْلِمِينَ. وَمَعْلُومٌ أَنَّ الدِّمَاءَ الْكَثِيرَةَ الَّتِي سُفِكَتْ بِاجْتِهَادِ عَلِيٍّ [وَمَنْ قَاتَلَهُ] (٣) لَمْ يُسْفَكْ قَبْلَهَا مِثْلُهَا مِنْ دِمَاءِ الْمُسْلِمِينَ. فَإِذَا كَانَ مَا فَعَلَهُ عَلِيٌّ مِمَّا لَا يُوجِبُ الْقَدْحَ فِي عَلِيٍّ، بَلْ [كَانَ] (٤) دَفْعُ الظَّالِمِينَ لِعَلِيٍّ مِنَ الْخَوَارِجِ وَغَيْرِهِمْ مِنَ النَّوَاصِبِ


(١) ن، م: يَنَالُ.
(٢) ن، م: فَحَاصَرَهُ وَسَعَى.
(٣) وَمَنْ قَاتَلَهُ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(٤) كَانَ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .

<<  <  ج: ص:  >  >>