للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَنَحْنُ وَإِنْ كُنَّا قَدْ بَيَّنَّا كَذِبَ كَثِيرٍ مِمَّا يَنْقُلُهُ هَذَا الرَّافِضِيُّ، فَمَعْلُومٌ أَنَّ كَثِيرًا مِمَّنْ (١) يَنْقُلُ ذَلِكَ لَمْ يَتَعَمَّدِ الْكَذِبَ، لَا هَذَا وَلَا نَحْوَهُ، لَكِنْ وَقَعَ إِمَّا تَعَمُّدًا لِلْكَذِبِ (٢) مِنْ بَعْضِهِمْ، وَإِمَّا غَلَطًا (٣) وَسُوءَ حِفْظٍ، ثُمَّ قَبِلَهُ الْبَاقُونَ لِعَدَمِ عِلْمِهِمْ وَلِهَوَاهُمْ، فَإِنَّ الْهَوَى يُعْمِي وَيُصِمُّ وَصَاحِبُ الْهَوَى يَقْبَلُ مَا وَافَقَ هَوَاهُ بِلَا حُجَّةٍ تُوجِبُ صِدْقَهُ وَيَرُدُّ مَا خَالَفَ هَوَاهُ بِلَا حُجَّةٍ تُوجِبُ رَدَّهُ.

وَلَيْسَ فِي الطَّوَائِفِ أَكْثَرُ تَكْذِيبًا بِالصِّدْقِ وَتَصْدِيقًا بِالْكَذِبِ مِنَ الرَّافِضَةِ، فَإِنَّ رُءُوسَ مَذْهَبِهِمْ وَأَئِمَّتِهِ الَّذِينَ ابْتَدَعُوهُ وَأَسَّسُوهُ كَانُوا مُنَافِقِينَ زَنَادِقَةً، كَمَا ذُكِرَ ذَلِكَ عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ.

وَهَذَا ظَاهِرٌ لِمَنْ تَأَمَّلَهُ، بِخِلَافِ قَوْلِ الْخَوَارِجِ، فَإِنَّهُ كَانَ عَنْ جَهْلٍ بِتَأَوُّلِ الْقُرْآنِ، وَغُلُوٍّ فِي تَعْظِيمِ الذُّنُوبِ. وَكَذَلِكَ قَوْلُ الْوَعِيدِيَّةِ وَالْقَدَرِيَّةِ، كَانَ عَنْ تَعْظِيمِ الذُّنُوبِ. وَكَذَلِكَ قَوْلُ الْمُرْجِئَةِ، كَانَ أَصْلُ مَقْصُودِهِمْ نَفْيُ التَّكْفِيرِ عَمَّنْ صَدَّقَ الرُّسُلَ. وَلِهَذَا رُؤُوسُ الْمَذَاهِبِ الَّتِي ابْتَدَعُوهَا لَمْ يَقُلْ أَحَدٌ أَنَّهُمْ زَنَادِقَةٌ مُنَافِقُونَ، بِخِلَافِ الرَّافِضَةِ، فَإِنَّ رُءُوسَهُمْ كَانُوا كَذَلِكَ، مَعَ أَنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ لَيْسُوا مُنَافِقِينَ وَلَا كُفَّارًا، بَلْ بَعْضُهُمْ لَهُ إِيمَانٌ وَعَمَلٌ صَالِحٌ، وَمِنْهُمْ مَنْ هُوَ مُخْطِئٌ يُغْفَرُ لَهُ خَطَايَاهُ، وَمِنْهُمْ مَنْ هُوَ صَاحِبُ ذَنْبٍ يُرْجَى لَهُ مَغْفِرَةُ اللَّهِ، لَكِنَّ الْجَهْلَ بِمَعْنَى الْقُرْآنِ وَالْحَدِيثِ


(١) ن، م: مِمَّا.
(٢) ن، م: لِكَذِبٍ.
(٣) ن، م: عَلَطْ.

<<  <  ج: ص:  >  >>