للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُفْهَمُ مِنَ الْكَلَامِ. فَهَذَا لَا يَقُولُهُ إِلَّا مُفْرِطٌ فِي الْجَهْلِ بِأَحْوَالِ الرَّسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَسِيرَتِهِ، فَإِنَّ النَّاسَ كُلَّهُمْ مُتَّفِقُونَ عَلَى أَنَّهُ فِي عَامِ [فَتْحِ] مَكَّةَ (١) ، بَعْدَ أَنْ كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَهْدَرَ دَمَ جَمَاعَةٍ مِنْهُمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعْدٍ، أَتَى عُثْمَانُ بِهِ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَبَايَعَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعْدَ مُرَاجَعَةِ عُثْمَانَ لَهُ فِي ذَلِكَ، وَحَقَنَ دَمَهُ، وَصَارَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ الْمَعْصُومِينَ، لَهُ مَا لَهُمْ، وَعَلَيْهِ مَا عَلَيْهِمْ. وَقَدْ كَانَ هُوَ مِنْ أَعْظَمِ [النَّاسِ] مُعَادَاةً لِلنَّبِيِّ (٢) عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، وَأَسْلَمَ وَحَسُنَ إِسْلَامُهُ. وَإِنَّمَا كَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَهْدَرَ دَمَهُ كَمَا أَهْدَرَ دِمَاءَ قَوْمٍ بِغِلَظِ كُفْرِهِمْ إِمَّا بِرِدَّةٍ مُغَلَّظَةٍ، كَمَقِيسِ بْنِ صُبَابَةَ.

«وَعَبْدُ اللَّهِ هَذَا كَانَ كَاتِبًا لِلْوَحْيِ فَارْتَدَّ، وَافْتَرَى عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَأَهْدَرَ دَمَهُ، ثُمَّ لَمَّا قَدِمَ بِهِ عُثْمَانُ عَفَا عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ بَايِعْ عَبْدَ اللَّهِ. فَأَعْرَضَ عَنْهُ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا، ثُمَّ بَايَعَهُ. فَقَالَ: " أَمَا فِيكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ يَنْظُرُ إِلَيَّ وَقَدْ أَعْرَضْتُ عَنْ هَذَا فَيَضْرِبَ عُنُقَهُ؟ " فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ: يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلَّا أَوْمَضْتَ إِلَيَّ؟ فَقَالَ: " مَا يَنْبَغِي لِنَبِيٍّ أَنَّ تَكُونَ لَهُ خَائِنَةُ الْأَعْيُنِ» " (٣) .


(١) ن، م: فِي عَامِ مَكَّةَ.
(٢) فِي جَمِيعِ النُّسَخِ: مَنْ أَعْظَمَ مُعَادَاةَ النَّبِيِّ. . . إِلَخْ. وَلَعَلَّ الصَّوَابَ مَا أَثْبَتُّهُ.
(٣) جَاءَ هَذَا الْحَدِيثُ فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مَرَّتَيْنِ: ٣/٧٩ - ٨٠ (كِتَابِ الْجِهَادِ، بَابِ قَتْلِ الْأَسِيرِ وَلَا يُعْرَضُ عَلَيْهِ الْإِسْلَامُ ٤/١٨٣ (كِتَابِ الْحُدُودِ، بَابِ الْحُكْمِ فِيمَنِ ارْتَدَّ) ، وَالْحَدِيثُ فِي سُنَنِ النَّسَائِيِّ ٧/٩٧ - ٩٨ (كِتَابِ تَحْرِيمِ الدَّمِ، بَابِ الْحُكْمِ فِي الْمُرْتَدِّ) ، وَذَكَرَ السُّيُوطِيُّ الْحَدِيثَ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ، وَقَالَ: إِنَّهُ فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ وَالنَّسَائِيِّ وَالْمُسْتَدْرَكِ لِلْحَاكِمِ، وَصَحَّحَهُ الْأَلْبَانِيُّ فِي صَحِيحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ ٢/٣٠٧، وَلَفْظُ الْحَدِيثِ فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ: إِنَّهُ لَا يَنْبَغِي لِنَبِيٍّ. . . إِلَخْ.

<<  <  ج: ص:  >  >>