للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غَيْرِهِمْ فَيَجْتَاحَهُمْ، كَمَا ثَبَتَ هَذَا وَهَذَا فِي الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَخْبَرَ أَنَّهُ: " «لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِهِ ظَاهِرَةً عَلَى الْحَقِّ لَا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَالَفَهُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ» " (١) . وَأَخْبَرَ أَنَّهُ: " «سَأَلَ رَبَّهُ أَنْ لَا يُسَلِّطَ عَلَيْهِمْ عَدُوًّا مِنْ غَيْرِهِمْ فَأَعْطَاهُ (٢) ذَلِكَ، وَسَأَلَهُ أَنْ لَا يُهْلِكَهُمْ بِسَنَةٍ عَامَّةٍ فَأَعْطَاهُ (٣) ، ذَلِكَ وَسَأَلَهُ أَنْ لَا يَجْعَلَ بَأْسَهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدًا فَمَنَعَهُ ذَلِكَ» " (٤) .

وَمَنْ قَبْلَنَا كَانَ الْحَقُّ (٥) يَغْلِبُ فِيهِمْ حَتَّى لَا تَقُومَ بِهِ طَائِفَةٌ ظَاهِرَةٌ مَنْصُورَةٌ. وَلِهَذَا كَانَ الْعَدُوُّ يُسَلَّطُ عَلَيْهِمْ فَيَجْتَاحَهُمْ، كَمَا سُلِّطَ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ، وَخَرَّبَ بَيْتَ الْمَقْدِسِ مَرَّتَيْنِ، فَلَمْ (٦) يَبْقَ لَهُمْ مُلْكٌ.

وَنَحْنُ - وَلِلَّهِ الْحَمْدُ - لَمْ يَزَلْ لِأُمَّتِنَا سَيْفٌ مَنْصُورٌ يُقَاتِلُونَ عَلَى الْحَقِّ، فَيَكُونُونَ عَلَى الْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ، الَّذِي بَعَثَ اللَّهُ بِهِ الرَّسُولَ. فَلِهَذَا لَمْ نَزَلْ وَلَا نَزَالُ. وَأَبْعَدُ النَّاسِ عَنْ هَذِهِ الطَّائِفَةِ الْمَهْدِيَّةِ الْمَنْصُورَةِ هُمُ الرَّافِضَةُ، لِأَنَّهُمْ أَجْهَلُ وَأَظْلَمُ طَوَائِفِ أَهْلِ الْأَهْوَاءِ الْمُنْتَسِبِينَ إِلَى الْقِبْلَةِ.

وَخِيَارُ هَذِهِ الْأُمَّةِ هُمُ الصَّحَابَةُ، فَلَمْ يَكُنْ فِي الْأُمَّةِ أَعْظَمُ اجْتِمَاعًا عَلَى الْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ، وَلَا أَبْعَدُ عَنِ التَّفَرُّقِ وَالِاخْتِلَافِ مِنْهُمْ. وَكُلُّ مَا يُذْكَرُ عَنْهُمْ مِمَّا فِيهِ نَقْصٌ فَهَذَا إِذَا قِيسَ إِلَى مَا يُوجَدُ فِي غَيْرِهِمْ مِنَ الْأُمَّةِ كَانَ قَلِيلًا مِنْ كَثِيرٍ. وَإِذَا قِيسَ مَا يُوجَدُ فِي الْأُمَّةِ إِلَى مَا يُوجَدُ فِي سَائِرِ الْأُمَمِ


(١) سَبَقَ الْحَدِيثُ فِيمَا مَضَى ٤/٤٦١
(٢) ن، م: وَأَعْطَاهُ.
(٣) ن، م: وَأَعْطَاهُ.
(٤) سَبَقَ هَذَا الْحَدِيثُ فِي هَذَا الْجُزْءِ، ص ٢٣٠
(٥) ب: الْخَلْفُ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ.
(٦) ن، م: وَلَمْ.

<<  <  ج: ص:  >  >>