للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَاعْتَبِرِ (١) الْمَدَائِنَ وَالْقُرَى الَّتِي يُقِرُّ أَهْلُهَا بِإِمَامَةِ الْمُنْتَظَرِ، مَعَ الْقُرَى الَّتِي لَا يُقِرُّونَ بِهِ. تَجِدْ حَالَ (٢) هَؤُلَاءِ أَعْظَمَ انْتِظَامًا وَصَلَاحًا فِي الْمَعَاشِ وَالْمَعَادِ، حَتَّى أَنَّ الْخَبِيرَ بِأَحْوَالِ الْعَالَمِ يَجِدُ بِلَادَ الْكُفَّارِ، لِوُجُودِ رُؤَسَائِهِمْ يُقِيمُونَ مَصْلَحَةَ دُنْيَاهُمْ أَكْثَرَ انْتِظَامًا مِنْ كَثِيرٍ مِنَ الْأَرْضِ (٣) الَّتِي يُنْسَبُونَ فِيهَا إِلَى مُتَابَعَةِ الْمُنْتَظَرِ، لَا يُقِيمُ لَهُمْ سَبَبًا مِنْ مَصْلَحَةِ دِينِهِمْ وَدُنْيَاهُمْ.

وَلَوْ قُدِّرَ أَنَّ اعْتِرَافَهُمْ بِوُجُودِهِ يَخَافُونَ مَعَهُ أَنْ يَظْهَرَ فَيُعَاقِبَهُمْ عَلَى الذُّنُوبِ، كَانَ مِنَ الْمَعْلُومِ أَنَّ خَوْفَ النَّاسِ مِنْ وُلَاةِ أُمُورِهِمُ الْمَشْهُورِينَ أَنْ يُعَاقِبُوهُمْ، أَعْظَمُ مِنْ خَوْفِ هَؤُلَاءِ مِنْ عُقُوبَةِ الْمُنْتَظَرِ لَهُمْ.

ثُمَّ الذُّنُوبُ قِسْمَانِ: مِنْهَا ذُنُوبٌ ظَاهِرَةٌ، كَظُلْمِ النَّاسِ وَالْفَوَاحِشِ الظَّاهِرَةِ، فَهَذِهِ تَخَافُ النَّاسُ (٤) فِيهَا مِنْ عُقُوبَةِ وُلَاةِ أُمُورِهِمْ، أَعَظَمَ مِمَّا يَخَافُهُ الْإِمَامِيَّةُ مِنْ عُقُوبَةِ الْمُنْتَظَرِ. فَعُلِمَ أَنَّ اللُّطْفَ الَّذِي أَوْجَبُوهُ لَا يَحْصُلُ بِالْمُنْتَظَرِ أَصْلًا لِلْعَارِفِ بِهِ وَلَا لِغَيْرِهِ.

وَأَمَّا قَوْلُهُمْ إِنَّ اللُّطْفَ بِهِ يَحْصُلُ لِلْعَارِفِينَ بِهِ، كَمَا يَحْصُلُ فِي حَالِ الظُّهُورِ، فَهَذِهِ مُكَابَرَةٌ ظَاهِرَةٌ ; فَإِنَّهُ إِذَا ظَهَرَ حَصَلَ بِهِ مِنْ إِقَامَةِ الْحُدُودِ وَالْوَعْظِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، مَا يُوجِبُ أَنْ يَكُونَ فِي ذَلِكَ لُطْفٌ لَا يَحْصُلُ مَعَ عَدَمِ الظُّهُورِ.


(١) ن: وَاعْتَدَّ، م: وَاعْتَدَّا.
(٢) حَالَ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ب) .
(٣) تَكَرَّرَتْ فِي (ب) عِبَارَاتٌ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهَا هَكَذَا، أَكْثَرَ انْتِظَامًا وَصَلَاحًا فِي الْمَعَاشِ وَالْمَعَادِ حَتَّى أَنَّ الْخَبِيرَ بِأَحْوَالِ الْعَالَمِ يَجِدُ بِلَادَ الْكُفَّارِ مِنْ كَثِيرٍ مِنَ الْأَرْضِ. . . . .
(٤) ن: النَّفْسُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>