للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَمِنَ الْمَعْلُومِ أَنَّ ثُبُوتَ الْعِصْمَةِ لِقَوْمٍ اتَّفَقَتْ كَلِمَتُهُمْ، أَقْرَبُ إِلَى الْعَقْلِ وَالْوُجُودِ مِنْ ثُبُوتِهَا لِوَاحِدٍ. فَإِنْ كَانَتِ الْعِصْمَةُ لَا تُمْكِنُ لِلْعَدَدِ الْكَثِيرِ، فِي حَالِ اجْتِمَاعِهِمْ عَلَى الشَّيْءِ الْمُعَيَّنِ، فَأَنْ لَا تُمْكِنَ لِلْوَاحِدِ أَوْلَى وَإِنْ أَمْكَنَتْ لِلْوَاحِدِ مُفْرَدًا ; فَلَأَنْ تُمْكِنَ لَهُ وَلِأَمْثَالِهِ مُجْتَمِعِينَ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى وَالْأَحْرَى.

فَعُلِمَ أَنَّ إِثْبَاتَ الْعِصْمَةِ لِلْمَجْمُوعِ أَوْلَى مِنْ إِثْبَاتِهَا لِلْوَاحِدِ، وَبِهَذِهِ الْعِصْمَةِ (١) يَحْصُلُ (٢) الْمَقْصُودُ الْمَطْلُوبُ مِنْ عِصْمَةِ الْإِمَامِ، فَلَا تَتَعَيَّنُ عِصْمَةُ الْإِمَامِ.

وَمَنْ جَهْلِ الرَّافِضَةِ إِنَّهُمْ يُوجِبُونَ عِصْمَةَ وَاحِدٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، وَيُجَوِّزُونَ عَلَى مَجْمُوعِ الْمُسْلِمِينَ الْخَطَأَ إِذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِمْ وَاحِدٌ مَعْصُومٌ. وَالْمَعْقُولُ الصَّرِيحُ يَشْهَدُ أَنَّ الْعُلَمَاءَ الْكَثِيرِينَ، مَعَ اخْتِلَافِ اجْتِهَادَاتِهِمْ، إِذَا اتَّفَقُوا عَلَى قَوْلٍ كَانَ أَوْلَى بِالصَّوَابِ مِنْ وَاحِدٍ، وَأَنَّهُ إِذَا أَمْكَنَ حُصُولُ الْعِلْمِ بِخَبَرٍ وَاحِدٍ، فَحُصُولُهُ بِالْأَخْبَارِ الْمُتَوَاتِرَةِ أَوْلَى.

وَمِمَّا يُبَيِّنُ ذَلِكَ أَنَّ الْإِمَامَ شَرِيكُ النَّاسِ فِي الْمَصَالِحِ الْعَامَّةِ، إِذْ كَانَ (٣) هُوَ وَحْدَهُ لَا يَقْدِرُ أَنْ يَفْعَلَهَا، إِلَّا أَنْ يَشْتَرِكَ هُوَ وَهُمْ فِيهَا، فَلَا يُمْكِنُهُ أَنْ يُقِيمَ الْحُدُودَ، وَيَسْتَوْفِيَ الْحُقُوقَ، وَلَا يُوَفِّيهَا (٤) ، وَلَا يُجَاهِدُ عَدُوًّا إِلَّا أَنْ يُعِينُوهُ، بَلْ لَا يُمْكِنُهُ أَنْ يُصَلِّيَ بِهِمْ جُمْعَةً وَلَا جَمَاعَةً إِنْ لَمْ يُصَلُّوا مَعَهُ، وَلَا يُمْكِنْ أَنْ يَفْعَلُوا مَا يَأْمُرُهُمْ بِهِ إِلَّا بِقُوَاهُمْ وَإِرَادَتِهِمْ. فَإِذَا كَانُوا مُشَارِكِينَ


(١) سَاقِطٌ مِنْ (ب) .
(٢) ن: يَجْعَلُ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ.
(٣) ن، م: إِذَا كَانَ.
(٤) م: وَيُوَفِّيهَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>