للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَنُو أُبَيْرِقٍ، أَنَّهُمْ سَرَقُوا لَهُمْ طَعَامًا وَدُرُوعًا، فَجَاءَ قَوْمٌ فَبَرَّأُوا أُولَئِكَ الْمُتَّهَمِينَ، فَظَنَّ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صِدْقَ أُولَئِكَ الْمُبَرِّئِينَ لَهُمْ، حَتَّى أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ (١) : {إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ وَلَا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا} * {وَاسْتَغْفِرِ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا} * {وَلَا تُجَادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنْفُسَهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ خَوَّانًا أَثِيمًا} الْآيَاتِ [سُورَةُ النِّسَاءِ: ١٠٥ - ١٠٧] (٢) .

وَبِالْجُمْلَةِ الْأُمُورُ نَوْعَانِ: كُلِّيَّةٌ عَامَّةٌ، وَجُزْئِيَّةٌ خَاصَّةٌ. فَأَمَّا الْجُزْئِيَّاتُ الْخَاصَّةُ، كَالْجُزْئِيِّ الَّذِي يَمْنَعُ تَصَوُّرَهُ مِنْ وُقُوعِ الشَّرِكَةِ فِيهِ، مِثْلُ مِيرَاثِ هَذَا الْمَيِّتِ، وَعَدْلِ هَذَا الشَّاهِدِ، وَنَفَقَةِ هَذِهِ الزَّوْجَةِ، وَوُقُوعِ الطَّلَاقِ بِهَذَا الزَّوْجِ، وَإِقَامَةِ الْحَدِّ عَلَى هَذَا الْمُفْسِدِ، وَأَمْثَالِ ذَلِكَ.

فَهَذَا مِمَّا لَا يُمْكِنُ لَا نَبِيًّا وَلَا إِمَامًا وَلَا أَحَدًا مِنَ الْخَلْقِ أَنْ يَنُصَّ عَلَى كُلِّ فَرْدٍ فَرْدٍ مِنْهُ؛ لِأَنَّ أَفْعَالَ بَنِي آدَمَ وَأَعْيَانَهُمْ يَعْجَزُ عَنْ مَعْرِفَةِ أَعْيَانِهَا الْجُزْئِيَّةِ عِلْمُ وَاحِدٍ مِنَ الْبَشَرِ وَعِبَارَتِهِ، لَا يُمْكِنُ بَشَرٌ (٣) أَنْ يَعْلَمَ ذَلِكَ كُلَّهُ بِخِطَابِ اللَّهِ لَهُ، وَإِنَّمَا الْغَايَةُ الْمُمْكِنَةُ ذِكْرُ الْأُمُورِ الْكُلِّيَّةِ الْعَامَّةِ.

كَمَا قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " «بُعِثْتُ بِجَوَامِعِ الْكَلِمِ» " (٤) . فَالْإِمَامُ لَا


(١) عَلَيْهِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ب) .
(٢) انْظُرْ تَفْسِيرَ ابْنِ كَثِيرٍ لِهَذِهِ الْآيَاتِ، وَانْظُرْ عُمْدَةَ التَّفْسِيرِ عَنِ ابْنِ كَثِيرٍ ٣/٢٦٤ - ٢٦٥.
(٣) ب: بَشَرًا.
(٤) الْحَدِيثَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي الْبُخَارِيِّ ٤/٥٤ كِتَابُ الْجِهَادِ وَالسِّيَرِ، بَابُ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: نُصِرْتُ بِالرُّعْبِ، وَنَصُّهُ: بُعِثْتُ بِجَوَامِعِ الْكَلِمِ، وَنُصِرْتُ بِالرُّعْبِ، فَبَيْنَمَا أَنَا نَائِمٌ أُتِيتُ بِمَفَاتِيحِ خَزَائِنِ الْأَرْضِ فَوُضِعَتْ فِي يَدِي، قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: وَقَدْ ذَهَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنْتُمْ تَنْتَثِلُونَهَا. وَالْحَدِيثُ مَعَ اخْتِلَافٍ فِي الْأَلْفَاظِ فِي الْبُخَارِيِّ ٩/٣٦ - ٣٧ كِتَابُ التَّعْبِيرِ بَابُ الْمَفَاتِيحِ فِي الْيَدِ، ٩/٩١ - ٩٢ كِتَابُ الِاعْتِصَامِ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، بَابُ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بُعِثْتُ بِجَوَامِعِ الْكَلِمِ، مُسْلِمٍ ١/٣٧١ - ٣٧٢ كِتَابُ الْمَسَاجِدِ وَمَوَاضِعِ الصَّلَاةِ، أَوَّلُ الْكِتَابِ، سُنَنِ النَّسَائِيِّ ٦/٣ - ٤ كِتَابُ الْجِهَادِ، أَوَّلُ الْكِتَابِ، الْمُسْنَدِ ط. الْمَعَارِفِ ١٤/٢٠ - ٥٣، وَقَوْلُ أَبِي هُرَيْرَةَ: وَأَنْتُمْ تَنْتَثِلُونَهَا: أَيْ تَسْتَخْرِجُونَهَا، وَالضَّمِيرُ هُنَا يُرَادُ بِهِ الْأَمْوَالُ وَمَا فُتِحَ عَلَيْهِمْ مِنْ زَهْرَةِ الدُّنْيَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>