للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْمُحَرَّمَاتُ (١) الْمُعَيَّنَةُ لَا سَبِيلَ إِلَى النَّصِّ عَلَيْهَا، لَا لِرَسُولِ اللَّهِ وَلَا إِمَامٍ، بَلْ لَا بُدَّ فِيهَا مِنَ الِاجْتِهَادِ وَالْمُجْتَهِدُ فِيهَا يُصِيبُ تَارَةً وَيُخْطِئُ أُخْرَى.

كَمَا قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِذَا اجْتَهَدَ الْحَاكِمُ فَأَصَابَ فَلَهُ أَجْرَانِ وَإِنْ أَخْطَأَ فَلَهُ أَجْرٌ " (٢) .

وَكَمَا قَالَ لِسَعْدِ (٣) بْنِ مُعَاذٍ - وَكَانَ حَكَمًا فِي قَضِيَّةٍ مُعَيَّنَةٍ يُؤْمَرُ فِيهَا الْحَاكِمُ أَنْ يَخْتَارَ الْأَصْلَحَ - فَلَمَّا حَكَمَ بِقَتْلِ الْمُقَاتِلَةِ وَسَبْيِ الذُّرِّيَّةِ مِنْ بَنِي قُرَيْظَةَ، قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَقَدْ حَكَمْتَ فِيهِمْ بِحُكْمِ اللَّهِ مِنْ فَوْقِ سَبْعَةِ أَرْقِعَةٍ» (٤) .

وَكَمَا كَانَ يَقُولُ لِمَنْ يُرْسِلُهُ أَمِيرًا عَلَى سَرِيَّةٍ أَوْ جَيْشٍ: «إِذَا حَاصَرَتْ أَهْلَ الْحِصْنِ فَسَأَلُوكَ أَنْ تُنْزِلَهُمْ عَلَى حُكْمِ اللَّهِ، فَإِنَّكَ لَا تَدْرِي مَا حُكْمُ اللَّهِ فِيهِمْ، وَلَكِنْ أَنْزِلْهُمْ عَلَى حُكْمِكَ وَحُكْمِ أَصْحَابِكَ» (٥) . وَالْأَحَادِيثُ الثَّلَاثَةُ ثَابِتَةٌ فِي الصَّحِيحِ.

فَتَبَيَّنَ بِذَلِكَ أَنَّهُ لَا مَصْلَحَةَ فِي عِصْمَةِ الْإِمَامِ إِلَّا وَهِيَ حَاصِلَةٌ بِعِصْمَةِ الرَّسُولِ، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ. وَالْوَاقِعُ يُوَافِقُ هَذَا. وَإِنَّا رَأَيْنَا كُلَّ مَنْ كَانَ إِلَى اتِّبَاعِ السُّنَّةِ وَالْحَدِيثِ وَاتِّبَاعِ الصَّحَابَةِ أَقْرَبَ، كَانَتْ مَصْلَحَتُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالدِّينِ أَكْمَلَ، وَكُلَّ مَنْ كَانَ أَبْعَدَ مِنْ ذَلِكَ كَانَ بِالْعَكْسِ.

وَلَمَّا كَانَتِ الشِّيعَةُ أَبْعَدَ النَّاسِ عَنِ اتِّبَاعِ الْمَعْصُومِ، الَّذِي لَا رَيْبَ فِي


(١) ن: وَالْحُرُمَاتُ.
(٢) سَبَقَ هَذَا الْحَدِيثُ فِيمَا مَضَى ٤/٤٢٢
(٣) ن، ب: سَعْدُ
(٤) سَبَقَ الْحَدِيثُ ٤/٣٣٢
(٥) سَبَقَ هَذَا الْحَدِيثُ فِيمَا مَضَى ٤/٤٢٣ - ٤٢٤

<<  <  ج: ص:  >  >>