للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَا قُرَشِيٌّ وَلَا أَنْصَارِيٌّ، فَإِنَّ مَنْ نَازَعَ أَوَّلًا مِنَ الْأَنْصَارِ لَمْ تَكُنْ مُنَازَعَتُهُ لِلصَّدِيقِ، بَلْ طَلَبُوا أَنْ يَكُونَ مِنْهُمْ أَمِيرٌ وَمِنْ قُرَيْشٍ أَمِيرٌ.

وَهَذِهِ مُنَازَعَةٌ عَامَّةٌ لِقُرَيْشٍ، فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّ هَذَا الْأَمْرَ فِي قُرَيْشٍ قَطَعُوا الْمُنَازَعَةَ، وَقَالَ لَهُمُ الصِّدِّيقُ: " رَضِيتُ لَكُمْ أَحَدَ هَذَيْنِ الرَّجُلَيْنِ: عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ أَوْ أَبَا عُبَيْدَةَ بْنَ الْجَرَّاحِ (١) " قَالَ عُمَرُ: فَكُنْتُ وَاللَّهِ أَنْ أُقَدَّمَ فَتُضْرَبَ عُنُقِي، لَا يُقَرِّبُنِي ذَلِكَ (٢) إِلَى إِثْمٍ، أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَتَأَمَّرَ (٣) عَلَى قَوْمٍ فِيهِمْ أَبُو بَكْرٍ " وَقَالَ لَهُ بِمَحْضَرِ الْبَاقِينَ: " أَنْتَ خَيْرُنَا وَأَفْضَلُنَا وَأَحَبُّنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - " وَقَدْ ثَبَتَ ذَلِكَ فِي الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ (٤) .

ثُمَّ بَايَعُوا أَبَا بَكْرٍ مِنْ غَيْرِ طَلَبٍ مِنْهُ وَلَا رَغْبَةٍ بُذِلَتْ لَهُمْ (٥) وَلَا رَهْبَةٍ، فَبَايَعَهُ الَّذِينَ بَايَعُوا الرَّسُولَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ، وَالَّذِينَ بَايَعُوهُ لَيْلَةَ الْعَقَبَةِ، وَالَّذِينَ بَايَعُوهُ لَمَّا كَانُوا يُهَاجِرُونَ إِلَيْهِ، وَالَّذِينَ بَايَعُوهُ لَمَّا كَانُوا يُسْلِمُونَ مِنْ غَيْرِ هِجْرَةٍ، كَالطُّلَقَاءِ وَغَيْرِهِمْ.

وَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ قَطُّ: إِنِّي أَحَقُّ بِهَذَا مِنْ أَبِي بَكْرٍ، وَلَا قَالَهُ أَحَدٌ فِي أَحَدٍ بِعَيْنِهِ: إِنَّ فُلَانًا أَحَقُّ بِهَذَا الْأَمْرِ مِنْ أَبِي بَكْرٍ.

وَإِنَّمَا قَالَ مَنْ فِيهِ أَثَرُ جَاهِلِيَّةٍ عَرَبِيَّةٍ أَوْ فَارِسِيَّةٍ: إِنَّ بَيْتَ الرَّسُولِ أَحَقُّ


(١) ب: وَأَبِي عُبَيْدَةَ.
(٢) ن، ب: لَا يُقَرِّبُنِي مِنْ ذَلِكَ، وَهُوَ خَطَأٌ.
(٣) م: أَنْ أُمِّرَ.
(٤) انْظُرْ ذَلِكَ فِي حَدِيثِ السَّقِيفَةِ الَّذِي سَبَقَ فِيمَا مَضَى ١/٥٣٦، ٢/٥٠
(٥) ب: بِذِلَّتِهِمْ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>