للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالنُّفُوسَ، وَيَقُولُ: إِنَّهَا لَيْسَتْ أَجْسَامًا، فَالنُّفُوسُ لَا تُفَارِقُ الْأَجْسَامَ، بَلْ هِيَ مُقَارِنَةٌ لَهَا مُدَبِّرَةٌ لَهَا (١) فَلَا تُفَارِقُ الْحَوَادِثَ.

وَأَيْضًا: فَالنُّفُوسُ لَا تَنْفَكُّ عَنْ تَصَوُّرَاتٍ وَإِرَادَاتٍ حَادِثَةٍ، فَهِيَ دَائِمًا مُقَارِنَةٌ لِلْحَوَادِثِ، وَالْعُقُولُ عِلَّةٌ لِذَلِكَ مُسْتَلْزِمَةٌ لِمَعْلُولِهَا لَا يَتَقَدَّمُ عَلَيْهَا (٢) بِالزَّمَانِ، فَيُمْتَنَعُ أَنْ يَكُونَ فِي الْعَالَمِ مَا يَسْبِقُ الْحَوَادِثَ، فَيُمْتَنَعُ أَنْ يَكُونَ شَيْءٌ مِنْهُ قَدِيمًا أَزَلِيًّا سَابِقًا لِلْحَوَادِثِ، وَحِينَئِذٍ فَالْمُبْدِعُ لِشَيْءٍ مِنْهُ يُمْتَنَعُ أَنْ يُبْدِعَهُ بِدُونِ إِبْدَاعِ لَوَازِمِهِ، وَلَوَازِمُهُ يُمْتَنَعُ وَجُودُهَا فِي الْأَزَلِ، فَيُمْتَنَعُ وُجُودُ شَيْءٍ مِنْهُ فِي الْأَزَلِ.

فَإِذَا قِيلَ: فَهُوَ عِلَّةٌ تَامَّةٌ أَزَلِيَّةٌ لِلْفَلَكِ مَعَ حَرَكَتِهِ، لَزِمَ أَنْ يَكُونَ عِلَّةً أَزَلِيَّةً تَامَّةً لِلْفَلَكِ مَعَ حَرَكَتِهِ، فَتَكُونُ حَرَكَتُهُ أَزَلِيَّةً، وَالْحَرَكَةُ لَا تُوجَدُ إِلَّا شَيْئًا فَشَيْئًا، فَيُمْتَنَعُ أَنْ يَكُونَ جَمِيعُ حَرَكَتِهِ أَزَلِيَّةً (٣) .

وَإِذَا (٤) قِيلَ: هُوَ عِلَّةٌ تَامَّةٌ أَزَلِيَّةٌ لِلْفَلَكِ دُونَ حَرَكَتِهِ، احْتَاجَتْ حَرَكَتُهُ إِلَى مُبْدِعٍ آخَرَ، وَلَا مُبْدِعَ (٥) غَيْرُهُ.

وَإِنْ قِيلَ: هُوَ عِلَّةٌ لِلْحَرَكَةِ (٦) شَيْئًا بَعْدَ شَيْءٍ، لَمْ يَكُنْ عِلَّةً تَامَّةً لِلْحَرَكَةِ فِي الْأَزَلِ، لَكِنْ يَصِيرُ عِلَّةً تَامَّةً لِشَيْءٍ مِنْهَا بِحَسَبِ وَجُودِهِ، فَتَكُونُ عِلِّيَّتُهُ وَفَاعِلِيَّتُهُ وَإِرَادَتُهُ حَادِثَةً بَعْدَ أَنْ لَمْ تَكُنْ، فَيُمْتَنَعُ أَنْ يَكُونَ عِلَّةً تَامَّةً فِي


(١) عِبَارَةُ " مُدَبِّرَةٌ لَهَا ": سَاقِطَةٌ مِنْ (م) فَقَطْ.
(٢) ن، م: عَلَيْهِ.
(٣) ن: أَنْ يَكُونَ جَمِيعُهَا أَزَلِيَّةً؛ م: أَنْ يَكُونَ جَمِيعًا أَزَلِيًّا؛ ا: أَنْ تَكُونَ جَمِيعُ حَرَكَتِهَا أَزَلِيَّةً.
(٤) ا، ب: فَإِنْ.
(٥) عِبَارَةُ " وَلَا مُبْدِعَ ": سَاقِطَةٌ مِنْ (ب) فَقَطْ.
(٦) ا، ب: الْحَرَكَةِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>