للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَيُقَالُ: مَا يَرْوِيهِ مِثْلُ أَبِي نُعَيْمٍ وَالثَّعْلَبِيِّ وَالنَّقَّاشِ وَغَيْرِهِمْ (١) : أَتَقْبَلُونَهُ مُطْلَقًا؟ أَمْ تَرُدُّونَهُ مُطْلَقًا؟ أَمْ تَقْبَلُونَهُ إِذَا كَانَ لَكُمْ [لَا عَلَيْكُمْ] (٢) ، وَتَرُدُّونَهُ إِذَا كَانَ عَلَيْكُمْ؟ فَإِنْ تَقْبَلُوهُ (٣) مُطْلَقًا، فَفِي ذَلِكَ أَحَادِيثُ كَثِيرَهٌ فِي فَضَائِلِ (٤) أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ تُنَاقِضُ قَوْلَكُمْ. وَقَدْ رَوَى أَبُو نُعَيْمٍ فِي أَوَّلِ " الْحِلْيَةِ " فِي فَضَائِلِ الصَّحَابَةِ، وَفِي كِتَابِ مَنَاقِبِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ أَحَادِيثَ بَعْضُهَا صَحِيحَةٌ وَبَعْضُهَا ضَعِيفَةٌ، بَلْ مُنْكَرَةٌ (٥) . وَكَانَ رَجُلًا عَالِمًا بِالْحَدِيثِ فِيمَا يَنْقُلُهُ، لَكِنْ هُوَ وَأَمْثَالُهُ يَرْوُونَ مَا فِي الْبَابِ، لَا يُعْرَفُ أَنَّهُ رَوَى كَالْمُفَسِّرِ الَّذِي يَنْقُلُ أَقْوَالَ النَّاسِ فِي التَّفْسِيرِ، وَالْفَقِيهِ الَّذِي يَذْكُرُ الْأَقْوَالَ فِي الْفِقْهِ، وَالْمُصَنِّفِ الَّذِي يَذْكُرُ حُجَجَ النَّاسِ، لِيَذْكُرَ مَا ذَكَرُوهُ (٦) ، وَإِنْ كَانَ كَثِيرٌ مِنْ ذَلِكَ لَا يُعْتَقَدُ صِحَّتُهُ، بَلْ يُعْتَقَدُ ضَعْفُهُ ; لِأَنَّهُ يَقُولُ: أَنَا نَقَلْتُ مَا ذَكَرَ غَيْرِي، فَالْعُهْدَةُ (٧) عَلَى الْقَائِلِ لَا عَلَى النَّاقِلِ.

وَهَكَذَا كَثِيرٌ مِمَّنْ صَنَّفَ فِي فَضَائِلِ الْعِبَادَاتِ، وَفَضَائِلِ الْأَوْقَاتِ، وَغَيْرِ


(١) م: وَنَحْوِهِمْ.
(٢) لَا عَلَيْكُمْ، سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(٣) ن، م: فَإِنْ قَبِلُوهُ.
(٤) فَضَائِلِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (م) .
(٥) قَالَ الذَّهَبِيُّ فِي تَرْجَمَةِ أَبِي نُعَيْمٍ الْأَصْبَهَانِيِّ (أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظِ) فِي مِيزَانِ الِاعْتِدَالِ ١/١١١ قَالَ الْخَطِيبُ: رَأَيْتُ لِأَبِي نُعَيْمٍ أَشْيَاءَ يَتَسَاهَلُ فِيهَا ; مِنْهَا أَنَّهُ يُطْلِقُ فِي الْإِجَازَةِ أَخْبَرَنَا، وَلَا يُبَيِّنُ، قُلْتُ: هَذَا مَذْهَبٌ رَآهُ أَبُو نُعَيْمٍ وَغَيْرُهُ، وَهُوَ ضَرْبٌ مِنَ التَّدْلِيسِ، وَكَلَامُ ابْنِ مِنْدَهْ فِي أَبِي نُعَيْمٍ فَظِيعٌ لَا أُحِبُّ حِكَايَتَهُ، وَلَا أَقْبَلُ قَوْلَ كُلٍّ مِنْهُمَا فِي الْآخَرِ ; بَلْ هُمَا عِنْدِي مَقْبُولَانِ، وَلَا أَعْلَمُ لَهُمَا ذَنْبًا أَكْثَرَ مِنْ رِوَايَتِهِمَا الْمَوْضُوعَاتِ سَاكِتِينَ عَنْهَا، وَانْظُرْ: " لِسَانَ الْمِيزَانِ " ١/٢٠١ - ٢٠٢
(٦) م: مَا يَذْكُرُوهُ.
(٧) ن، س، ب: فَالْعَهْدُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>