للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَبْدِ الْبَرِّ، وَكِتَابِ ابْنِ مِنْدَهْ، وَأَبِي نُعَيْمٍ الْأَصْبَهَانِيِّ، وَالْحَافِظِ أَبِي مُوسَى، وَنَحْوِ ذَلِكَ. وَلَمْ يَذْكُرْ أَحَدٌ مِنْهُمْ هَذَا الرَّجُلَ، فَعُلِمَ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ ذِكْرٌ فِي شَيْءٍ مِنَ الرِّوَايَاتِ، فَإِنَّ هَؤُلَاءِ لَا يَذْكُرُونَ إِلَّا مَا رَوَاهُ أَهْلُ الْعِلْمِ، لَا يَذْكُرُونَ أَحَادِيثَ الطُّرُقِيَّةِ، مِثْلَ " تَنَقُّلَاتِ الْأَنْوَارِ " لِلْبَكْرِيِّ الْكَذَّابِ (١) وَغَيْرِهِ.

الْوَجْهُ الثَّالِثُ: أَنْ يُقَالَ: أَنْتُمُ ادَّعَيْتُمْ أَنَّكُمْ أَثْبَتُّمْ إِمَامَتَهُ بِالْقُرْآنِ، وَالْقُرْآنُ لَيْسَ فِي ظَاهِرِهِ مَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ أَصْلًا ; فَإِنَّهُ قَالَ: {بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ} [سُورَةُ الْمَائِدَةِ: ٦٧] . وَهَذَا اللَّفْظُ عَامٌّ فِي جَمِيعِ مَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ، لَا يَدُلُّ عَلَى شَيْءٍ مُعَيَّنٍ.

فَدَعْوَى الْمُدَّعَى أَنَّ إِمَامَةَ عَلِيٍّ هِيَ (٢) مِمَّا بَلَّغَهَا، أَوْ مِمَّا (٣) أُمِرَ بِتَبْلِيغِهَا، لَا تَثْبُتُ بِمُجَرَّدِ الْقُرْآنِ، فَإِنَّ الْقُرْآنَ لَيْسَ فِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى شَيْءٍ مُعَيَّنٍ، فَإِنْ ثَبَتَ ذَلِكَ بِالنَّقْلِ كَانَ ذَلِكَ إِثْبَاتًا بِالْخَبَرِ لَا بِالْقُرْآنِ. فَمَنِ ادَّعَى أَنَّ الْقُرْآنَ يَدُلُّ عَلَى [أَنَّ] (٤) إِمَامَةَ عَلِيٍّ مِمَّا أُمِرَ بِتَبْلِيغِهِ، فَقَدِ افْتَرَى عَلَى الْقُرْآنِ، فَالْقُرْآنُ لَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ عُمُومًا وَلَا خُصُوصًا.

الْوَجْهُ الرَّابِعُ (٥) : أَنْ يُقَالَ: هَذِهِ الْآيَةُ، مَعَ مَا عُلِمَ مِنْ أَحْوَالِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، تَدُلُّ عَلَى نَقِيضِ مَا ذَكَرُوهُ، وَهُوَ أَنَّ اللَّهَ لَمْ يُنَزِّلْهَا عَلَيْهِ، وَلَمْ يَأْمُرْهُ بِهَا (٦) ، فَإِنَّهَا لَوْ كَانَتْ مِمَّا أَمَرَهُ اللَّهُ بِتَبْلِيغِهِ، لَبَلَّغَهُ ; فَإِنَّهُ لَا يَعْصِي اللَّهَ فِي ذَلِكَ.


(١) سَبَقَ الْكَلَامُ عَلَى الْبَكْرِيِّ وَكِتَابِهِ تَنَقُّلَاتِ الْأَنْوَارِ.
(٢) هِيَ: سَاقِطَةٌ مِنْ (م) .
(٣) مِمَّا: سَاقِطَةٌ مِنْ (س) ، (ب) .
(٤) أَنَّ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ن (م) ، (س) .
(٥) م: الثَّالِثُ، وَهُوَ خَطَأٌ.
(٦) م: وَلَمْ يَأْمُرْ بِهَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>