للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ امْتَنَعَ أَنْ يَكُونَ التَّطْهِيرُ الْمَدْعُوُّ بِهِ (١) لِلْأَرْبَعَةٍ مُتَضَمِّنًا لِلْعِصْمَةِ الَّتِي يَخْتَصُّ بِهَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالْإِمَامُ عِنْدَهُمْ (٢) ، فَلَا يَكُونُ مِنْ دُعَاءِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَهُ (٣) بِهَذِهِ (٤) الْعِصْمَةِ: لَا لِعَلِيٍّ (٥) وَلَا لِغَيْرِهِ، فَإِنَّهُ دَعَا بِالطَّهَارَةِ لِأَرْبَعَةٍ مُشْتَرِكِينَ لَمْ يَخْتَصَّ (٦) بَعْضَهُمْ بِدَعْوَةٍ. وَأَيْضًا فَالدُّعَاءُ بِالْعِصْمَةِ مِنَ الذُّنُوبِ مُمْتَنِعٌ عَلَى أَصْلِ الْقَدَرِيَّةِ، بَلْ وَبِالتَّطْهِيرِ أَيْضًا ; فَإِنَّ الْأَفْعَالَ الِاخْتِيَارِيَّةَ - الَّتِي هِيَ فِعْلُ الْوَاجِبَاتِ (٧) وَتَرْكُ الْمُحَرَّمَاتِ - عِنْدَهُمْ غَيْرُ مَقْدُورَةٍ لِلرَّبِّ، وَلَا يُمْكِنُهُ (٨) أَنْ يَجْعَلَ الْعَبْدَ مُطِيعًا وَلَا عَاصِيًا، وَلَا مُتَطَهِّرًا مِنَ الذُّنُوبِ وَلَا غَيْرَ مُتَطَهِّرٍ، فَامْتَنَعَ عَلَى أَصْلِهِمْ أَنْ يَدْعُوَ لِأَحَدٍ بِأَنْ يَجْعَلَهُ فَاعِلًا لِلْوَاجِبَاتِ تَارِكًا لِلْمُحَرَّمَاتِ، وَإِنَّمَا الْمَقْدُورُ عِنْدَهُمْ قُدْرَةٌ تَصْلُحُ لِلْخَيْرِ وَالشَّرِّ، كَالسَّيْفِ الَّذِي يَصْلُحُ لِقَتْلِ الْمُسْلِمِ وَالْكَافِرِ، وَالْمَالِ الَّذِي يُمْكِنُ إِنْفَاقُهُ فِي الطَّاعَةِ وَالْمَعْصِيَةِ، ثُمَّ الْعَبْدُ يَفْعَلُ بِاخْتِيَارِهِ: إِمَّا الْخَيْرَ وَإِمَّا الشَّرَّ بِتِلْكَ الْقُدْرَةِ. وَهَذَا الْأَصْلُ يُبْطِلُ حُجَّتَهُمْ. وَالْحَدِيثُ حُجَّةٌ عَلَيْهِمْ فِي إِبْطَالِ هَذَا الْأَصْلِ، حَيْثُ دَعَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَهُمْ (٩) بِالتَّطْهِيرِ. فَإِنْ قَالُوا: الْمُرَادُ بِذَلِكَ أَنَّهُ يَغْفِرُ لَهُمْ وَلَا يُؤَاخِذُهُمْ.


(١) م: الْمُطَهَّرُ الْمَدْعُوُّ لَهُ.
(٢) ن، م، س: وَعِنْدَهُمْ.
(٣) لَهُ: سَاقِطَةٌ مِنْ (م) .
(٤) ب: بِهَذَا.
(٥) م: إِلَّا لِعَلِيٍّ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ.
(٦) ن، م: مُشْرِكِينَ لَمْ يَخُصَّ.
(٧) م: الْمُوجِبَاتِ.
(٨) ن، م، س: وَلَا يُمْكِنُ.
(٩) لَهُمْ: سَاقِطَةٌ مِنْ (س) ، (ب) .

<<  <  ج: ص:  >  >>