للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَانَ قَدْ (١) يَمِيلُ بِقَلْبِهِ إِلَى أَنْ يُوَلَّى، لَكِنْ مَا قَالَ: إِنِّي أَنَا الْإِمَامُ، وَلَا: إِنَّى مَعْصُومٌ، وَلَا: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (٢) جَعَلَنِي الْإِمَامَ بَعْدَهُ، وَلَا أَنَّهُ أَوْجَبَ عَلَى النَّاسِ مُتَابَعَتِي، وَلَا نَحْوَ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ. بَلْ نَحْنُ نَعْلَمُ بِالِاضْطِرَارِ أَنَّ مَنْ نَقَلَ هَذَا وَنَحْوَهُ عَنْهُ فَهُوَ كَاذِبٌ عَلَيْهِ. وَنَحْنُ نَعْلَمُ أَنَّ عَلِيًّا كَانَ أَتْقَى لِلَّهِ مِنْ أَنْ يَدَّعِيَ الْكَذِبَ الظَّاهِرَ، الَّذِي تَعْلَمُ الصَّحَابَةُ كُلُّهُمْ أَنَّهُ كَذِبٌ. وَأَمَّا نَقْلُ النَّاقِلِ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: " لَقَدْ تَقَمَّصَهَا ابْنُ أَبِي قُحَافَةَ، وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّ مَحَلِّي مِنْهَا مَحَلَّ الْقُطْبِ مِنَ الرَّحَى ". فَنَقُولُ: أَوَّلًا: أَيْنَ إِسْنَادُ هَذَا النَّقْلِ (٣) ، بِحَيْثُ يَنْقُلُهُ ثِقَةٌ عَنْ ثِقَةٍ مُتَّصِلًا إِلَيْهِ؟ وَهَذَا لَا يُوجَدُ قَطُّ، وَإِنَّمَا يُوجَدُ مِثْلُ هَذَا فِي كِتَابِ " نَهْجِ الْبَلَاغَةِ " وَأَمْثَالِهِ، وَأَهْلُ الْعِلْمِ يَعْلَمُونَ أَنَّ أَكْثَرَ خُطَبِ هَذَا الْكِتَابِ مُفْتَرَاةٌ عَلَى عَلِيٍّ، وَلِهَذَا لَا يُوجَدُ غَالِبُهَا فِي كِتَابٍ مُتَقَدِّمٍ، وَلَا لَهَا إِسْنَادٌ مَعْرُوفٌ. فَهَذَا الَّذِي نَقَلَهَا مِنْ أَيْنَ نَقَلَهَا؟ . وَلَكِنَّ هَذِهِ الْخُطَبَ بِمَنْزِلَةِ مَنْ يَدَّعِي أَنَّهُ عَلَوِيٌّ أَوْ عَبَّاسِيٌّ، وَلَا نَعْلَمُ أَحَدًا مِنْ سَلَفِهِ ادَّعَى ذَلِكَ قَطُّ، وَلَا ادَّعَى ذَلِكَ لَهُ، فَيُعْلَمُ كَذِبُهُ. فَإِنَّ النَّسَبَ يَكُونُ مَعْرُوفًا مِنْ أَصْلِهِ حَتَّى يَتَّصِلَ بِفَرْعِهِ، وَكَذَلِكَ الْمَنْقُولَاتِ لَا بُدَّ أَنْ تَكُونَ ثَابِتَةً مَعْرُوفَةً عَمَّنْ نُقِلَ عَنْهُ حَتَّى تَتَّصِلَ بِنَا. فَإِذَا صَنَّفَ وَاحِدٌ كِتَابًا ذَكَرَ فِيهِ خُطَبًا كَثِيرَةً لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَبِي بَكْرٍ


(١) قَدْ: سَاقِطَةٌ مِنْ (س) ، (ب) .
(٢) س: إِنَّ الرَسُولَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ب: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ خَطَأٌ.
(٣) س: هَذَا الْحَدِيثُ النَّقْلُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>