للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الِاسْتِدْلَالِ بِهَذِهِ الْآيَةِ، لَكِنْ لَيْسَ فِي وُجُوبِ مُوَالَاتِهِ وَمَوَدَّتِهِ مَا يُوجِبُ اخْتِصَاصَهُ بِالْإِمَامَةِ وَلَا الْفَضِيلَةِ. وَأَمَّا قَوْلُهُ: " وَالثَّلَاثَةُ لَا تَجِبُ مُوَالَاتُهُمْ " فَمَمْنُوعٌ (١) ، بَلْ يَجِبُ أَيْضًا مَوَدَّتُهُمْ وَمُوَالَاتُهُمْ، فَإِنَّهُ قَدْ ثَبَتَ أَنَّ اللَّهَ يُحِبُّهُمْ، وَمَنْ كَانَ اللَّهُ يُحِبُّهُ وَجَبَ عَلَيْنَا أَنْ نُحِبَّهُ، فَإِنَّ الْحُبَّ فِي اللَّهِ وَالْبُغْضَ فِي اللَّهِ وَاجِبٌ، وَهُوَ أَوْثَقُ عُرَى الْإِيمَانِ. وَكَذَلِكَ هُمْ مِنْ أَكَابِرِ أَوْلِيَاءِ اللَّهِ الْمُتَّقِينَ، وَقَدْ أَوْجَبَ اللَّهُ مُوَالَاتِهِمْ، بَلْ قَدْ ثَبَتَ أَنَّ اللَّهَ رَضِيَ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ بِنَصِّ الْقُرْآنِ، وَكُلُّ مَنْ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَإِنَّهُ يُحِبُّهُ، وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ وَالْمُحْسِنِينَ وَالْمُقْسِطِينَ وَالصَّابِرِينَ، وَهَؤُلَاءِ أَفْضَلُ مَنْ دَخَلَ فِي هَذِهِ (٢) النُّصُوصِ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ بَعْدَ نَبِيِّهَا. وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ كَمَثَلِ الْجَسَدِ الْوَاحِدِ، إِنِ اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالْحُمَّى وَالسَّهَرِ» (٣) فَهُوَ أَخْبَرَنَا أَنَّ الْمُؤْمِنِينَ يَتَوَادُّونَ وَيَتَعَاطَفُونَ وَيَتَرَاحَمُونَ، وَأَنَّهُمْ فِي ذَلِكَ كَالْجَسَدِ الْوَاحِدِ. وَهَؤُلَاءِ قَدْ ثَبَتَ إِيمَانُهُمْ بِالنُّصُوصِ وَالْإِجْمَاعِ، كَمَا قَدْ ثَبَتَ إِيمَانُ عَلِيٍّ، وَلَا يُمْكِنُ مَنْ قُدِحَ (٤) فِي إِيمَانِهِمْ أَنْ يُثْبِتَ إِيمَانَ عَلِيٍّ، بَلْ كُلُّ (٥) طَرِيقٍ دَلَّ


(١) ن، س: مُوَالَاتُهُمْ مَمْنُوعٌ فَمَمْنُوعٌ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ.
(٢) ن، س: فِي هَؤُلَاءِ.
(٣) الْحَدِيثُ بِلَفْظٍ مُقَارِبٍ عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي: مُسْلِمٍ ٤/١٩٩٩ - ٢٠٠٠ (كِتَابُ الْبِرِّ وَالصِّلَةِ وَالْآدَابِ، بَابُ تَرَاحُمِ الْمُؤْمِنِينَ وَتَعَاطُفِهِمْ وَتَوَادِّهِمْ) ، وَجَاءَ الْحَدِيثُ عَنْهُ بِأَلْفَاظٍ أُخْرَى فِيهِ، وَفِي الْبُخَارِيِّ ٨/١٠ (كِتَابُ الْأَدَبِ، بَابُ رَحْمَةِ النَّاسِ وَالْبَهَائِمِ) ، وَأَوَّلُهُ فِي الْبُخَارِيِّ: تَرَى الْمُؤْمِنِينَ فِي تَرَاحُمِهِمْ. . . وَالْحَدِيثُ فِي الْمُسْنَدِ ((ط. الْحَلَبِيِّ)) ٤/٢٧٠. وَتَكَلَّمَ عَلَيْهِ الْأَلْبَانِيُّ فِي " سِلْسِلَةِ الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ " ٣/٧١ (حَدِيثٌ رَقْمُ ١٠٨٣
(٤) ب: يَقْدَحُ.
(٥) م: فَكَلُّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>