للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقِيلَ لَهُ: تِلْكَ الْأَحَادِيثُ الَّتِي فِي فَضَائِلِ عَلِيٍّ إِنَّمَا رَوَاهَا (١) الصَّحَابَةُ الَّذِينَ قَدَحْتَ فِيهِمْ، فَإِنْ كَانَ الْقَدْحُ صَحِيحًا بَطَلَ النَّقْلُ، وَإِنْ كَانَ النَّقْلُ صَحِيحًا بَطَلَ الْقَدْحُ. وَإِنْ قَالَ: بِنَقْلِ الشِّيعَةِ أَوْ تَوَاتُرِهِمْ. قِيلَ لَهُ: الصَّحَابَةُ لَمْ يَكُنْ فِيهِمْ مِنَ الرَّافِضَةِ أَحَدٌ. وَالرَّافِضَةُ تَطْعَنُ فِي جَمِيعِ الصَّحَابَةِ إِلَّا نَفَرًا قَلِيلًا: بِضْعَةَ عَشَرَ. وَمِثْلُ هَذَا قَدْ يُقَالُ: إِنَّهُمْ قَدْ (٢) تَوَاطَئُوا عَلَى مَا نَقَلُوهُ، فَمَنْ قَدَحَ فِي نَقْلِ الْجُمْهُورِ كَيْفَ يُمْكِنُهُ إِثْبَاتُ نَقْلِ نَفَرٍ قَلِيلٍ وَهَذَا مَبْسُوطٌ فِي مَوْضِعِهِ. وَالْمَقْصُودُ أَنَّ قَوْلَهُ: " وَغَيْرُ عَلِيٍّ مِنَ الثَّلَاثَةِ لَا تَجِبُ مَوَدَّتُهُ " كَلَامٌ بَاطِلٌ عِنْدَ الْجُمْهُورِ، بَلْ مَوَدَّةُ هَؤُلَاءِ أَوْجَبُ عِنْدَ أَهْلِ السُّنَّةِ مِنْ مَوَدَّةِ عَلِيٍّ، لِأَنَّ وُجُوبَ الْمَوَدَّةِ عَلَى مِقْدَارِ الْفَضْلِ، فَكُلُّ مَنْ كَانَ أَفْضَلَ كَانَتْ مَوَدَّتُهُ أَكْمَلَ. وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا} [سُورَةُ مَرْيَمَ: ٩٦] . قَالُوا: يُحِبُّهُمْ وَيُحَبِّبُهُمْ إِلَى عِبَادِهِ. وَهَؤُلَاءِ أَفْضَلُ مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ بَعْدَ نَبِيِّهَا، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ} [سُورَةُ الْفَتْحِ: ٢٩] إِلَى آخِرِ السُّورَةِ. وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ سُئِلَ: «أَيُّ النَّاسِ أَحَبُّ إِلَيْكَ؟ قَالَ: " عَائِشَةُ ". قِيلَ (٣) : فَمِنَ الرِّجَالِ؟ قَالَ: " أَبُوهَا» (٤) .


(١) م: رَدَّهَا، وَهُوَ تَحْرِيفٌ.
(٢) قَدْ: زِيَادَةٌ فِي (ن) .
(٣) س، ب: قَالَ.
(٤) سَبَقَ هَذَا الْحَدِيثُ فِيمَا مَضَى ٤/٣٥٦

<<  <  ج: ص:  >  >>