للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَهَذَا يَقُولُهُ (١) هَؤُلَاءِ فِي حَرَكَةِ الْفَلَكِ: إِنَّهُ يَتَحَرَّكُ دَائِمًا بِإِرَادَتِهِ وَقُدْرَتِهِ مِنْ غَيْرِ سَبَبٍ أَوْجَبَ كَوْنَهُ مُرِيدًا قَادِرًا، مَعَ أَنَّ إِرَادَتَهُ وَقُدْرَتَهُ وَحَرَكَاتِهِ حَادِثَةٌ بَعْدَ أَنْ لَمْ تَكُنْ (٢) حَادِثَةً مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ جَعْلَهُ مُرِيدًا مُتَحَرِّكًا، فَقَدْ حَصَلَ الْمُمْكِنُ بِدُونِ الْمُرَجَّحِ التَّامِّ الَّذِي أَوْجَبَ رُجْحَانَهُ، وَحَصَلَ الْحَادِثُ بِدُونِ السَّبَبِ التَّامِّ الَّذِي أَوْجَبَ حُدُوثَهُ.

ثُمَّ إِنَّهُمْ يُنْكِرُونَ عَلَى الْقَدَرِيَّةِ قَوْلَهُمْ: إِنَّ الْقَادِرَ يُرَجِّحُ أَحَدَ مَقْدُورَيْهِ بِلَا مُرَجِّحٍ بَلْ بِإِرَادَةٍ (* يُحْدِثُهَا [هُوَ] (٣) مِنْ غَيْرِ أَنْ يُحْدِثَ لَهُ غَيْرُهُ تِلْكَ الْإِرَادَةَ، وَيَقُولُونَ: إِنَّهُ أَوْجَبَ الْإِرَادَةَ بِلَا إِرَادَةٍ *) (٤) .

وَهَؤُلَاءِ يَقُولُونَ مَا هُوَ أَبْلَغُ مِنْ ذَلِكَ فِي حَرَكَةِ الْفَلَكِ، وَهُوَ يُنَاقِضُ أُصُولَهُمُ الصَّحِيحَةَ، فَإِذَا كَانُوا يُسَلِّمُونَ أَنَّ الْإِرَادَاتِ الْحَادِثَةَ وَالْحَرَكَاتِ (٥) الْحَادِثَةَ لَا تَحْدُثُ إِلَّا بِسَبَبٍ يُوجِبُ حُدُوثَهَا، وَأَنَّهُ (٦) عِنْدَ كَمَالِ السَّبَبِ يَجِبُ حُدُوثُهَا، وَعِنْدَ نَقْصِهِ يُمْتَنَعُ حُدُوثُهَا، عَلِمُوا أَنَّ مَا قَالُوهُ فِي قِدَمِ الْعَالَمِ وَسَبَبِ الْحَوَادِثِ بَاطِلٌ.

فَإِنَّهُ لَيْسَ فَوْقَ الْفَلَكِ عِنْدَهُمْ سَبَبٌ يُوجِبُ حُدُوثَ مَا يَحْدُثُ لَهُ مِنَ التَّصَوُّرَاتِ وَالْإِرَادَاتِ إِلَّا مِنْ جِنْسِ مَا لِلْمَخْلُوقِ الْفَقِيرِ إِلَى وَاجِبِ


(١) ا: وَهَكَذَا يَقُولُهُ؛ ب: وَهَكَذَا يَقُولُ.
(٢) ن (فَقَطْ) : حَادِثَةٌ مِنْ غَيْرِ أَنْ لَمْ تَكُنْ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ.
(٣) هُوَ: زِيَادَةٌ فِي (ا) فَقَطْ.
(٤) مَا بَيْنَ النَّجْمَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ب) فَقَطْ.
(٥) ن (فَقَطْ) : الْإِرَادَةُ الْحَادِثَةُ وَالْحَرَكَةُ.
(٦) ا، ب: فَإِنَّهُ، وَهُوَ خَطَأٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>