للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَذَلِكَ أَنَّ " حَسْبَ " مَصْدَرٌ، فَلَمَّا أُضِيفَ لَمْ يَحْسُنِ الْعَطْفُ عَلَيْهِ إِلَّا بِإِعَادَةِ الْجَارِّ، فَإِنَّ الْعَطْفَ بِدُونِ ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ جَائِزًا فِي أَصَحِّ الْقَوْلَيْنِ فَهُوَ قَلِيلٌ، وَإِعَادَةُ الْجَارِّ أَحْسَنُ وَأَفْصَحُ، فَعَطَفَ عَلَى الْمَعْنَى، وَالْمُضَافُ إِلَيْهِ فِي مَعْنَى الْمَنْصُوبِ، فَإِنَّ قَوْلَهُ: " فَحَسْبُكَ وَالضَّحَّاكَ " [مَعْنَاهُ: يَكْفِيكَ وَالضَّحَّاكَ] (١) .

وَالْمَصْدَرُ يَعْمَلُ عَمَلَ الْفِعْلِ، لَكِنْ إِذَا أُضِيفَ عَمِلَ فِي غَيْرِ الْمُضَافِ إِلَيْهِ، وَلِهَذَا إِنْ أُضِيفَ إِلَى الْفَاعِلِ نَصَبَ الْمَفْعُولَ، وَإِنْ أُضِيفَ إِلَى الْمَفْعُولِ رَفَعَ الْفَاعِلَ، فَتَقُولُ: أَعْجَبَنِي دَقُّ الْقَصَّارِ الثَّوْبَ، وَهَذَا وَجْهُ الْكَلَامِ. وَتَقُولُ: أَعْجَبَنِي دَقُّ الثَّوْبِ الْقَصَّارُ.

وَمِنَ النُّحَاةِ مَنْ يَقُولُ: إِعْمَالُهُ مُنَكَّرًا أَحْسَنُ مِنْ إِعْمَالِهِ مُضَافًا ; لِأَنَّهُ بِالْإِضَافَةِ قَوِيَ شَبَهُهُ بِالْأَسْمَاءِ. وَالصَّوَابُ أَنَّ إِضَافَتَهُ إِلَى أَحَدِهِمَا وَإِعْمَالَهُ فِي الْآخَرِ أَحْسَنُ مِنْ تَنْكِيرِهِ وَإِعْمَالِهِ فِيهِمَا. فَقَوْلُ الْقَائِلِ: أَعْجَبَنِي دَقُّ الْقَصَّارِ الثَّوْبَ. أَحْسَنُ مِنْ قَوْلِهِ: دَقُّ الثَّوْبِ الْقَصَّارُ، فَإِنَّ التَّنْكِيرَ أَيْضًا مِنْ خَصَائِصِ الْأَسْمَاءِ، وَالْإِضَافَةُ أَخَفُّ ; لِأَنَّهُ اسْمٌ، وَالْأَصْلُ فِيهِ أَنْ يُضَافَ وَلَا يُعْمَلَ، لَكِنْ لَمَّا تَعَذَّرَتْ إِضَافَتُهُ إِلَى الْفَاعِلِ وَالْمَفْعُولِ جَمِيعًا، أُضِيفَ إِلَى أَحَدِهِمَا، وَأُعْمِلَ فِي الْآخَرِ (٢) .

وَهَكَذَا فِي الْمَعْطُوفَاتِ: إِنْ أَمْكَنَ إِضَافَتُهَا إِلَيْهَا كُلَّهَا (٣) ، كَالْمُضَافِ إِلَى الظَّاهِرِ، فَهُوَ أَحْسَنُ. كَقَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " «إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَ بَيْعَ


(١) مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ن) ، (س) ، وَفِي (ب) بَدَلًا مِنْ كَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ هِيَ " مَصْدَرٌ ".
(٢) م: وَعَمِلَ لَهُ فِي الْآخَرِ.
(٣) س، ب: إِنْ أُضِيفَ إِلَيْهَا كُلِّهَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>