للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْوَجْهُ الْخَامِسُ: أَنْ يُقَالَ: مِنَ الْمَعْلُومِ الْمُتَوَاتِرِ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ كَانَ يُوَالِي غَيْرَ شِيعَةِ عَلِيٍّ أَكْثَرَ مِمَّا يُوَالِي كَثِيرًا مِنَ الشِّيعَةِ، حَتَّى الْخَوَارِجُ كَانَ يُجَالِسُهُمْ وَيُفْتِيهِمْ وَيُنَاظِرُهُمْ. فَلَوِ اعْتَقَدَ أَنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ هُمُ الشِّيعَةُ فَقَطْ، وَأَنَّ مَنْ سِوَاهُمْ كُفَّارٌ، لَمْ يَعْمَلْ مِثْلَ هَذَا. وَكَذَلِكَ بَنُو أُمَيَّةَ كَانَتْ مُعَامَلَةُ ابْنِ عَبَّاسٍ وَغَيْرِهِ لَهُمْ مِنْ أَظْهَرِ الْأَشْيَاءِ دَلِيلًا عَلَى أَنَّهُمْ مُؤْمِنُونَ عِنْدَهُ لَا كُفَّارٌ (١) .

فَإِنْ قِيْلَ: نَحْنُ لَا نُكَفِّرُ مَنْ سِوَى الشِّيعَةِ، لَكِنْ نَقُولُ: هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ.

قِيلَ: الْآيَةُ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ، فَإِنْ قُلْتُمْ: إِنَّ مَنْ سِوَاهُمْ لَا يَدْخُلُ فِي ذَلِكَ، فَإِمَّا أَنْ تَقُولُوا: هُوَ كَافِرٌ أَوْ تَقُولُوا: فَاسِقٌ (٢) ، بِحَيْثُ لَا يَكُونُ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ، * وَإِنْ دَخَلَ اسْمُهُمْ فِي الْإِيمَانِ، وَإِلَّا فَمَنْ كَانَ مُؤْمِنًا فَلَيْسَ بِفَاسِقٍ فَهُوَ دَاخِلٌ فِي الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ * (٣) .

فَإِنْ قُلْتُمْ: هُوَ فَاسِقٌ.

قِيلَ لَكُمْ: إِنْ ثَبَتَ فِسْقُهُمْ كَفَاكُمْ ذَلِكَ فِي الْحُجَّةِ. وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ لَمْ يَنْفَعْكُمْ ذَلِكَ فِي الِاسْتِدْلَالِ، وَمَا تَذْكُرُونَ بِهِ فِسْقَ (٤) طَائِفَةٍ مِنَ الطَّوَائِفِ إِلَّا وَتِلْكَ الطَّائِفَةُ تُبَيِّنُ لَكُمْ أَنَّكُمْ أَوْلَى بِالْفِسْقِ مِنْهُمْ مِنْ وُجُوهٍ كَثِيرَةٍ، وَلَيْسَ لَكُمْ حُجَّةٌ صَحِيحَةٌ تَدْفَعُونَ بِهَا هَذَا.


(١) م: يُؤْمِنُونَ عِنْدَهُ لَا كُفَّارًا، وَهُوَ خَطَأٌ.
(٢) س، ب: أَوْ فَاسِقٌ.
(٣) مَا بَيْنَ النَّجْمَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (م) .
(٤) فِسْقَ: سَاقِطَةٌ مِنْ (س) ، (ب) ، بِهِ سَاقِطَةٌ مِنْ (م) .

<<  <  ج: ص:  >  >>