للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَكَذَلِكَ الْوَاحِدِيُّ تِلْمِيذُ الثَّعْلَبِيِّ، وَالْبَغَوِيُّ اخْتَصَرَ تَفْسِيرَهُ مِنْ تَفْسِيرِ الثَّعْلَبِيِّ وَالْوَاحِدِيِّ، لَكِنَّهُمَا أَخْبَرُ (١) . بِأَقْوَالِ الْمُفَسِّرِينَ مِنْهُ، وَالْوَاحِدِيُّ أَعْلَمُ بِالْعَرَبِيَّةِ مِنْ هَذَا وَهَذَا، وَالْبَغَوِيُّ أَتْبَعُ لِلسُّنَّةِ مِنْهُمَا.

وَلَيْسَ لِكَوْنِ الرَّجُلِ مِنَ الْجُمْهُورِ الَّذِينَ يَعْتَقِدُونَ خِلَافَةَ الثَّلَاثَةِ يُوجِبُ لَهُ أَنَّ كُلَّ مَا رَوَاهُ صِدْقٌ، كَمَا أَنَّ كَوْنَهُ مِنَ الشِّيعَةِ لَا يُوجِبُ أَنْ يَكُونَ كُلُّ مَا رَوَاهُ كَذِبًا، بَلْ الِاعْتِبَارُ بِمِيزَانِ الْعَدْلِ.

وَقَدْ وَضَعَ النَّاسُ أَحَادِيثَ كَثِيرَةً مَكْذُوبَةً عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْأُصُولِ، وَالْأَحْكَامِ، وَالزُّهْدِ، وَالْفَضَائِلِ، وَوَضَعُوا كَثِيرًا مِنْ فَضَائِلِ الْخُلَفَاءِ الْأَرْبَعَةِ، وَفَضَائِلِ مُعَاوِيَةَ.

وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَكُونُ قَصْدُهُ رِوَايَةَ كُلِّ مَا رُوِيَ فِي الْبَابِ مِنْ غَيْرِ تَمْيِيزٍ بَيْنَ صَحِيحٍ وَضَعِيفٍ كَمَا فَعَلَهُ أَبُو نُعَيْمٍ فِي فَضَائِلِ الْخُلَفَاءِ، وَكَذَلِكَ غَيْرُهُ مِمَّنْ صَنَّفَ فِي الْفَضَائِلِ، وَمِثْلُ مَا جَمَعَهُ أَبُو الْفَتْحِ بْنُ أَبِي الْفَوَارِسِ، وَأَبُو عَلِيٍّ الْأَهْوَازِيُّ، وَغَيْرُهُمَا فِي فَضَائِلِ مُعَاوِيَةَ، وَمِثْلُ مَا جَمَعَهُ النَّسَائِيُّ فِي فَضَائِلِ عَلِيٍّ، وَكَذَلِكَ مَا جَمَعَهُ أَبُو الْقَاسِمِ بْنُ عَسَاكِرَ فِي فَضَائِلِ عَلِيٍّ وَغَيْرِهِ، فَإِنَّ هَؤُلَاءِ وَأَمْثَالَهُمْ قَصَدُوا أَنْ يَرْوُوا مَا سَمِعُوا مِنْ غَيْرِ تَمْيِيزٍ بَيْنَ صَحِيحِ ذَلِكَ وَضَعِيفِهِ، فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُجْزَمَ بِصِدْقِ الْخَبَرِ بِمُجَرَّدِ رِوَايَةِ الْوَاحِدِ مِنْ هَؤُلَاءِ بِاتِّفَاقِ أَهْلِ الْعِلْمِ.

وَأَمَّا مَنْ يَذْكُرُ الْحَدِيثَ بِلَا إِسْنَادٍ مِنَ الْمُصَنِّفِينَ فِي الْأُصُولِ وَالْفِقْهِ وَالزُّهْدِ وَالرَّقَائِقِ، فَهَؤُلَاءِ يَذْكُرُونَ أَحَادِيثَ كَثِيرَةً صَحِيحَةً، وَيَذْكُرُ بَعْضُهُمْ


(١) ن، س: أَخْبَرَا، وَهُوَ تَحْرِيفٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>