للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَذِبٌ، وَأَنَّ قَوْلَهُ: {بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ} (سُورَةُ الْمَائِدَةِ: ٦٧) نَزَلَ قَبْلَ حَجَّةِ (الْوَدَاعِ) (١) بِمُدَّةٍ طَوِيلَةٍ.

وَيَوْمُ الْغَدِيرِ إِنَّمَا كَانَ ثَامِنَ عَشَرَ ذِي الْحِجَّةِ بَعْدَ رُجُوعِهِ مِنَ الْحَجِّ، وَعَاشَ بَعْدَ ذَلِكَ شَهْرَيْنِ وَبَعْضَ الثَّالِثِ، وَمِمَّا يُبَيِّنُ ذَلِكَ أَنَّ (٢) آخِرَ الْمَائِدَةِ نُزُولًا قَوْلُهُ تَعَالَى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي} (سُورَةُ الْمَائِدَةِ: ٣) ، وَهَذِهِ الْآيَةُ نَزَلَتْ بِعَرَفَةَ تَاسِعِ ذِي الْحَجَّةِ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ، وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاقِفٌ بِعَرَفَةَ كَمَا ثَبَتَ ذَلِكَ فِي الصِّحَاحِ وَالسُّنَنِ، وَكَمَا قَالَهُ الْعُلَمَاءُ قَاطِبَةً مِنْ أَهْلِ التَّفْسِيرِ وَالْحَدِيثِ وَغَيْرِهِمْ.

وَغَدِيرُ خُمٍّ كَانَ بَعْدَ رُجُوعِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ ثَامِنَ عَشَرَ ذِي الْحَجَّةِ بَعْدَ نُزُولِ هَذِهِ الْآيَةِ بِتِسْعَةِ أَيَّامٍ، فَكَيْفَ يَكُونُ قَوْلُهُ: {بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ} (سُورَةُ الْمَائِدَةِ: ٦٧) نَزَلَ ذَلِكَ الْوَقْتَ، وَلَا خِلَافَ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ نَزَلَتْ قَبْلَ ذَلِكَ، وَهِيَ مِنْ أَوَائِلِ مَا نَزَلَ بِالْمَدِينَةِ، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ فِي سُورَةِ الْمَائِدَةِ كَمَا أَنَّ فِيهَا تَحْرِيمَ الْخَمْرِ، وَالْخَمْرُ حُرِّمَتْ فِي أَوَائِلِ الْأَمْرِ عَقِبَ غَزْوَةِ أُحُدٍ، وَكَذَلِكَ فِيهَا الْحُكْمُ بَيْنَ أَهْلِ الْكِتَابِ بِقَوْلِهِ: {فَإِنْ جَاءُوكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ} (سُورَةُ الْمَائِدَةِ: ٤٢) ، وَهَذِهِ الْآيَةُ نَزَلَتْ إِمَّا فِي الْحَدِّ (٣) لَمَّا رَجَمَ الْيَهُودِيَّيْنِ (٤) ، وَإِمَّا فِي الْحُكْمِ بَيْنَ قُرَيْظَةَ وَالنَّضِيرِ لَمَّا تَحَاكَمُوا إِلَيْهِ فِي الدِّمَاءِ، وَرَجْمُ الْيَهُودِيَّيْنِ كَانَ أَوَّلَ مَا


(١) ن، س، ب: قَبْلَ حَجِّهِ.
(٢) أَنَّ: سَاقِطَةٌ مِنْ (س) ، (ب) .
(٣) س، ب: إِمَّا نَزَلَتْ فِي الْحَدِّ.
(٤) ن، م، س: الْيَهُودِيَّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>