للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشِّرْكُ مُسْتَحْوِذًا عَلَيْهِمْ بِسَبَبِ السِّحْرِ وَالْأَحْوَالِ الشَّيْطَانِيَّةِ، وَكَانُوا يُنْفِقُونَ أَعْمَارَهُمْ فِي رَصْدِ الْكَوَاكِبِ لِيَسْتَعِينُوا بِذَلِكَ عَلَى السِّحْرِ وَالشِّرْكِ، وَكَذَلِكَ الْأُمُورُ الطَّبِيعِيَّةُ. وَكَانَ مُنْتَهَى عَقْلِهِمْ أُمُورًا عَقْلِيَّةً كُلِّيَّةً، كَالْعِلْمِ بِالْوُجُودِ الْمُطْلَقِ (* وَانْقِسَامِهِ إِلَى عِلَّةٍ وَمَعْلُولٍ وَجَوْهَرٍ وَعَرَضٍ، وَتَقْسِيمِ الْجَوَاهِرِ، ثُمَّ تَقْسِيمِ الْأَعْرَاضِ. وَهَذَا هُوَ عِنْدَهُمُ الْحِكْمَةُ الْعُلْيَا وَالْفَلْسَفَةُ الْأُولَى، وَمُنْتَهَى ذَلِكَ الْعِلْمُ بِالْوُجُودِ الْمُطْلَقِ *) (١) الَّذِي لَا يُوجَدُ إِلَّا فِي الْأَذْهَانِ دُونَ الْأَعْيَانِ.

وَمِنْ هُنَا دَخَلَ مَنْ سَلَكَ مَسْلَكَهُمْ مِنَ الْمُتَصَوِّفَةِ الْمُتَفَلْسِفَةِ كَابْنِ عَرَبِيٍّ (٢) وَابْنِ سَبْعِينَ (٣) وَالتِّلِمْسَانِيِّ (٤) وَغَيْرِهِمْ، فَكَانَ مُنْتَهَى مَعْرِفَتِهِمْ


(١) مَا بَيْنَ النَّجْمَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (م) فَقَطْ.
(٢) هُوَ أَبُو بَكْرٍ مُحْيِي الدِّينِ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ الْحَاتِمِيُّ الطَّائِيُّ الْأَنْدَلُسِيُّ، الْمَعْرُوفُ بِابْنِ عَرَبِيٍّ، وَالْمُلَقَّبُ عِنْدَ الصُّوفِيَّةِ بِالشَّيْخِ الْأَكْبَرِ وَالْكِبْرِيتِ الْأَحْمَرِ وَغَيْرِ ذَلِكَ. انْظُرْ تَرْجَمَتَهُ فِي: نَفْحِ الطِّيبِ ٢/٣٦١ - ٣٤٨؛ شَذَرَاتِ الذَّهَبِ ٥/١٩٠ - ٢٠٢؛ طَبَقَاتِ الشَّعْرَانِيِّ ١/١٦٣؛ مِيزَانِ الِاعْتِدَالِ ٣/٦٥٩ - ٦٦٠؛ لِسَانِ الْمِيزَانِ ٥/٣١١ - ٣١٥؛ فَوَاتِ الْوَفَيَاتِ ٣/٤٧٨ - ٤٨٢؛ الْأَعْلَامِ ٧/١٧٠ - ١٧١ وَانْظُرْ كِتَابَ " ابْنِ عَرَبِيٍّ " لِآسِينَ بَلَاثِيُوسَ، تَرْجَمَةُ د. عَبْدِ الرَّحْمَنِ بَدَوِيٍّ، ط. الْأَنْجِلُو، الْقَاهِرَةِ، ١٩٦٥؛ مَنَاقِبَ ابْنِ عَرَبِيٍّ لِإِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْقَارِئِ، تَحْقِيقُ د. صَلَاحِ الدِّينِ الْمُنْجِدِ، بَيْرُوتَ، ١٩٥٩؛ تَنْبِيهَ الْغَبِيِّ إِلَى تَكْفِيرِ ابْنِ عَرَبِيٍّ لِلْبِقَاعِيِّ مَصْرَعَ التَّصَوُّفِ، تَحْقِيقُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْوَكِيلِ، ط. السُّنَّةِ الْمُحَمَّدِيَّةِ الْقَاهِرَةَ، ١٣٧٣/١٩٥٣.
(٣) أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الْحَقِّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ نَصْرٍ الْمَعْرُوفُ بِابْنِ سَبْعِينَ، وُلِدَ سَنَةَ ٦١٣ وَتُوُفِّيَ سَنَةَ ٦٦٩. انْظُرْ تَرْجَمَتَهُ فِي: شَذَرَاتِ الذَّهَبِ ٥/٣٢٩ - ٣٣٠؛ الطَّبَقَاتِ الْكُبْرَى لِلشَّعْرَانِيِّ ١/١٧٧؛ لِسَانِ الْمِيزَانِ ٣/٣٩٢؛ فَوَاتِ الْوَفَيَاتِ ١/٥١٦ - ٥١٨؛ نَفْحِ الطِّيبِ ٢/٣٩٥ - ٤٠٦؛ الْأَعْلَامِ ٤/٥١. وَانْظُرْ رَسَائِلَ ابْنِ سَبْعِينَ، تَحْقِيقُ د. عَبْدِ الرَّحْمَنِ بَدَوِيٍّ، الْقَاهِرَةَ ١٩٦٥.
(٤) ن، م: " ابْنُ سَبْعِينَ التِّلِمْسَانِيُّ " وَهُوَ خَطَأٌ. وَهُوَ عَفِيفُ الدِّينِ سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَلِيٌّ الْكُوفِيُّ التِّلِمْسَانِيُّ، انْظُرْ تَرْجَمَتَهُ فِي: فَوَاتِ الْوَفَيَاتِ ١/٣٦٣ - ٣٦٦، وَفِيهِ: " كَانَ كُوفِيَّ الْأَصْلِ، وَكَانَ يَدَّعِي الْعِرْفَانَ، قَالَ قُطْبُ الدِّينِ الْيُونِينِيُّ: رَأَيْتُ جَمَاعَةً يَنْسُبُونَهُ إِلَى رِقَّةِ الدِّينِ، وَالْمَيْلِ إِلَى مَذْهَبِ النُّصَيْرِيَّةِ "؛ الْبِدَايَةِ وَالنِّهَايَةِ ١٣/٣٢٦؛ النُّجُومِ الزَّاهِرَةِ، ٨/٢٩ - ٣١؛ الْأَعْلَامِ ٣/١٩٣ (وَذَكَرَ مِنْ مُؤَلَّفَاتِهِ شَرْحَ مَوَاقِفِ النَّغْرَى وَالصَّوَابُ: النَّفْرَى) وَوَفَاتُهُ سَنَةَ ٦٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>