للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَكَانَ الْوَاحِدُ مِنْ خُلَفَائِهِ إِذَا أَشْكَلَ عَلَيْهِ الشَّيْءُ أَرْسَلَ إِلَيْهِ يَسْأَلُهُ (١) عَنْهُ.

فَكَانَ الرَّسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَيَاتِهِ يُعَلِّمُ خُلَفَاءَهُ مَا جَهِلُوا، وَيُقَوِّمُهُمْ إِذَا زَاغُوا، وَيَعْزِلُهُمْ إِذَا لَمْ يَسْتَقِيمُوا، وَلَمْ يَكُونُوا مَعَ ذَلِكَ مَعْصُومِينَ فَعَلِمَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُوَلِّيَ الْمَعْصُومَ.

وَأَيْضًا، فَإِنَّ هَذَا تَكْلِيفُ مَا لَا يُمْكِنُ، فَإِنَّ اللَّهَ لَمْ يَخْلُقْ أَحَدًا مَعْصُومًا غَيْرَ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَوْ كُلِّفَ أَنْ يَسْتَخْلِفَ مَعْصُومًا لَكُلِّفَ مَا لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ، وَفَاتَ مَقْصُودُ الْوِلَايَاتِ، وَفَسَدَتْ أَحْوَالُ النَّاسِ فِي الدِّينِ وَالدُّنْيَا.

وَإِذَا عُلِمَ أَنَّهُ كَانَ يَجُوزُ - بَلْ يَجِبُ - أَنْ يَسْتَخْلِفَ فِي حَيَاتِهِ مَنْ لَيْسَ بِمَعْصُومٍ فَلَوِ اسْتَخْلَفَ بَعْدَ مَوْتِهِ، كَمَا اسْتَخْلَفَ فِي حَيَاتِهِ لَاسْتَخْلَفَ (٢) أَيْضًا غَيْرَ مَعْصُومٍ، وَكَانَ لَا يُمْكِنُ أَنْ يُعَلِّمَهُ، وَيُقَوِّمَهُ، كَمَا كَانَ يَفْعَلُ فِي حَيَاتِهِ فَكَانَ أَنْ لَا يَسْتَخْلِفَ خَيْرًا مِنْ أَنْ يَسْتَخْلِفَ (٣) .

وَالْأُمَّةُ قَدْ بَلَغَهَا أَمْرُ اللَّهِ وَنَهْيُهُ، وَعَلِمُوا مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ وَنَهَى عَنْهُ، فَهُمْ يَسْتَخْلِفُونَ مَنْ يَقُومُ بِأَمْرِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ، وَيُعَاوِنُونَهُ عَلَى إِتْمَامِهِمِ الْقِيَامَ


(١) س، ب: سَأَلَهُ
(٢) : سَاقِطٌ مِنْ (م)
(٣) : سَاقِطٌ مِنْ (م)

<<  <  ج: ص:  >  >>