للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلِيَ النَّاسَ، وَاشْتَغَلَ عَنِ التِّجَارَةِ بِعَمَلِ الْمُسْلِمِينَ أَكَلَ مِنْ مَالِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ الَّذِي جَعَلَهُ اللَّهُ لَهُ لَمْ يَأْكُلْ مَنْ مَالِ مَخْلُوقٍ.

وَأَبُو بَكْرٍ لَمْ يَكُنِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعْطِيهِ شَيْئًا مِنَ الدُّنْيَا يَخُصُّهُ بِهِ، بَلْ كَانَ فِي الْمَغَازِي كَوَاحِدٍ مِنَ النَّاسِ، بَلْ يَأْخُذُ مِنْ مَالِهِ مَا يُنْفِقُهُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، وَقَدِ اسْتَعْمَلَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمَا عَرَفَ أَنَّهُ (١) أَعْطَاهُ عِمَالَةً، وَقَدْ أَعْطَى (٢) عُمَرَ عِمَالَةً، وَأَعْطَى (٣) عَلِيًّا مِنَ الْفَيْءِ، وَكَانَ يُعْطِي الْمُؤَلَّفَةَ قُلُوبُهُمْ مِنَ الطُّلَقَاءِ، وَأَهْلِ نَجْدٍ، وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ لَا يُعْطِيهِمْ، كَمَا فَعَلَ فِي غَنَائِمِ حُنَيْنٍ وَغَيْرِهَا، وَيَقُولُ: " «إِنِّي لَأُعْطِي رِجَالًا، وَأَدَعُ رِجَالًا، وَالَّذِي أَدَعُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنَ الَّذِي (٤) أُعْطِي. أُعْطِي رِجَالًا لِمَا فِي قُلُوبِهِمْ مِنَ الْجَزَعِ وَالْهَلَعِ، وَأَكِلُ رِجَالًا إِلَى مَا جَعَلَ اللَّهُ فِي قُلُوبِهِمْ مِنِ الْغِنَى وَالْخَيْرِ» ". (٥)

وَلَمَّا بَلَغَهُ عَنِ الْأَنْصَارِ كَلَامٌ سَأَلَهُمْ عَنْهُ، فَقَالُوا: «يَا رَسُولَ اللَّهِ أَمَّا ذَوُو الرَّأْيِ مِنَّا فَلَمْ يَقُولُوا شَيْئًا، وَأَمَّا أُنَاسٌ مِنَّا حَدِيثَةٌ أَسْنَانُهُمْ، فَقَالُوا: يَغْفِرُ اللَّهُ لِرَسُولِ اللَّهِ يُعْطِي قُرَيْشًا، وَيَتْرُكُنَا وَسُيُوفُنَا تَقْطُرُ مِنْ دِمَائِهِمْ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " فَإِنِّي أُعْطِي رِجَالًا حَدِيثِي عَهْدٍ بِكُفْرٍ أَتَأْلَّفُهُمْ، أَفَلَا تَرْضَوْنَ أَنْ يَذْهَبَ النَّاسُ بِالْأَمْوَالِ، وَتَرْجِعُوا إِلَى رِحَالِكُمْ بِرَسُولِ اللَّهِ، فَوَاللَّهِ لَمَا تَنْقَلِبُونَ بِهِ خَيْرٌ مِمَّا يَنْقَلِبُونَ بِهِ " قَالُوا: بَلَى يَا رَسُولَ


(١) س، ب: وَمَا عَرَفَ لَهُ أَنَّهُ
(٢) : سَاقِطٌ مِنْ (س) ، (ب)
(٣) : سَاقِطٌ مِنْ (س) ، (ب)
(٤) ن: مِنَ الَّذِينَ
(٥) سَبَقَ هَذَا الْحَدِيثُ فِيمَا مَضَى ١/٦٤

<<  <  ج: ص:  >  >>