للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَيْنَ الْمُتَنَاقِضَيْنِ (١) فِي فِطَرِ النَّاسِ وَعُقُولِهِمُ الَّتِي لَمْ تُغَيَّرْ (٢) عَنْ فِطْرَتِهَا.

وَلِهَذَا كَانَ مُجَرَّدُ إِخْبَارِ الرُّسُلِ بِأَنَّ اللَّهَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَنَحْوُ ذَلِكَ كَافِيًا فِي الْإِخْبَارِ بِحُدُوثِهِمَا، لَمْ يَحْتَاجُوا مَعَ ذَلِكَ أَنْ يَقُولُوا: خَلَقَهُمَا بَعْدَ (٣) عَدَمِهِمَا، وَلَكِنْ أُخْبِرُوا (٤) بِزَمَانِ خَلْقِهِمَا، كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ} [سُورَةُ يُونُسَ: ٣] .

وَالْإِنْسَانُ لَمَّا كَانَ يَعْلَمُ أَنَّهُ خُلِقَ بَعْدَ أَنْ لَمْ يَكُنْ، ذُكِّرَ بِذَلِكَ لِيُسْتَدَلَّ بِهِ عَلَى قُدْرَةِ الْخَالِقِ عَلَى تَغْيِيرِ (٥) الْعَادَةِ. وَلِهَذَا ذَكَرَ تَعَالَى ذَلِكَ فِي خَلْقِ يَحْيَى بْنِ زَكَرِيَّا [عَلَيْهِ السَّلَامُ] (٦) ، وَفِي النَّشْأَةِ (٧) الثَّانِيَةِ، قَالَ تَعَالَى: {يَازَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ اسْمُهُ يَحْيَى لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا - قَالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيًّا - قَالَ كَذَلِكَ قَالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئًا} [سُورَةُ مَرْيَمَ: ٧ - ٩] ، [وَقَالَ تَعَالَى] : {وَيَقُولُ الْإِنْسَانُ أَئِذَا مَا مِتُّ لَسَوْفَ أُخْرَجُ حَيًّا - أَوَلَا يَذْكُرُ الْإِنْسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ يَكُ شَيْئًا} ] (٨) [سُورَةُ مَرْيَمَ: ٦٦ - ٦٧] .

فَذَكَّرَ الْإِنْسَانَ بِمَا يَعْلَمُهُ مِنْ أَنَّهُ خَلَقَهُ وَلَمْ يَكُ شَيْئًا؛ لِيَسْتَدِلَّ بِذَلِكَ عَلَى قُدْرَتِهِ عَلَى مِثْلِ ذَلِكَ، وَعَلَى مَا هُوَ أَهْوَنُ مِنْهُ.


(١) ب: الْمُتَنَافِيَيْنِ.
(٢) ن، م: لَا تُغَيَّرُ.
(٣) ن: عِنْدَ؛ م: عَبْدَ (وَهُوَ تَحْرِيفٌ) .
(٤) ن، م: أَخْبَرَ.
(٥) ن (فَقَطْ) : عَلَى قُدْرَةِ، وَهُوَ خَطَأٌ.
(٦) عَلَيْهِ السَّلَامُ: زِيَادَةٌ فِي (ا) ، (ب) .
(٧) ا، ب:. . . السَّلَامُ فِي النَّشْأَةِ. . .
(٨) مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ن) ، (م) .

<<  <  ج: ص:  >  >>