للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَنَحْوُهُمَا أَفْقَهُ مِنْ أُولَئِكَ، وَأَحْمَدُ كَانَ يُشَارِكُ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ.

وَكَانَ أَئِمَّةُ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ مِمَّنْ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ، كَمَا كَانَ مَعَ الشَّافِعِيِّ، وَأَبِي عُبَيْدٍ، وَنَحْوِهِمَا مِنْ أَهْلِ الْفِقْهِ فِي الْحَدِيثِ، وَمَعَ يَحْيَى بْنِ مَعِينٍ، وَعَلِيِّ بْنِ الْمَدِينِيِّ، وَنَحْوِهِمَا مِنْ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ فِي الْحَدِيثِ.

وَمُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ لَهُ عِنَايَةٌ بِصَحِيحِهِ أَكْثَرُ مِنْ أَبِي دَاوُدَ، وَأَبُو دَاوُدَ لَهُ عِنَايَةٌ بِالْفِقْهِ أَكْثَرُ، وَالْبُخَارِيُّ لَهُ عِنَايَةٌ بِهَذَا وَهَذَا.

وَلَيْسَ الْمَقْصُودُ هُنَا تَوْسِعَةَ الْكَلَامِ فِي هَذَا، بَلِ الْمَقْصُودُ أَنَّ عُلَمَاءَ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ لَهُمْ مِنَ الْمَعْرِفَةِ بِأَحْوَالِ الرَّسُولِ مَا لَيْسَ لِغَيْرِهِمْ فَهُمْ أَئِمَّةُ هَذَا الشَّأْنِ، وَقَدْ يَكُونُ الرَّجُلُ صَادِقًا كَثِيرَ الْحَدِيثِ كَثِيرَ الرِّوَايَةِ فِيهِ لَكِنْ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْعِنَايَةِ بِصَحِيحِهِ وَسَقِيمِهِ، فَهَذَا يُسْتَفَادُ مِنْهُ نَقْلُهُ، فَإِنَّهُ صَادِقٌ ضَابِطٌ، وَأَمَّا الْمَعْرِفَةُ بِصَحِيحِهِ وَسَقِيمِهِ فَهَذَا عِلْمٌ آخَرُ، وَقَدْ يَكُونُ مَعَ ذَلِكَ فَقِيهًا مُجْتَهِدًا، وَقَدْ يَكُونُ صَالِحًا مِنْ خِيَارِ الْمُسْلِمِينَ، وَلَيْسَ لَهُ كَثِيرُ مَعْرِفَةٍ.

لَكِنَّ هَؤُلَاءِ، وَإِنْ تَفَاضَلُوا فِي الْعِلْمِ، فَلَا يَرُوجُ عَلَيْهِمْ مِنَ الْكَذِبِ مَا يَرُوجُ عَلَى مَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ عِلْمُهُمْ (١) ، فَكُلُّ مَنْ كَانَ بِالرَّسُولِ أَعْرَفَ كَانَ تَمْيِيزُهُ بَيْنَ الصِّدْقِ وَالْكَذِبِ أَتَمَّ، فَقَدْ يَرُوجُ عَلَى أَهْلِ التَّفْسِيرِ، وَالْفِقْهِ، وَالزُّهْدِ، وَالنَّظَرِ أَحَادِيثُ كَثِيرَةٌ: إِمَّا يُصَدِّقُونَ بِهَا، وَإِمَّا يُجَوِّزُونَ بِصِدْقِهَا، وَتَكُونُ مَعْلُومَةَ الْكَذِبِ عِنْدَ عُلَمَاءِ الْحَدِيثِ.

وَقَدْ يُصَدِّقُ بَعْضُ هَؤُلَاءِ بِمَا يَكُونُ كَذِبًا عِنْدَ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ (٢) " مِثْلَ مَا


(١) س، ب: عِلْمٌ
(٢) فِي هَامِشِ (س) كُتِبَ أَمَامَ هَذَا الْمَوْضِعِ: " الْأَحَادِيثَ الْمَكْذُوبَةَ

<<  <  ج: ص:  >  >>