للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْإِسْلَامِ فَبَعَثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي آثَارِهِمْ، فَقَطَعَ أَيْدِيَهُمْ وَأَرْجُلَهُمْ، وَسَمَلَ أَعْيُنَهُمْ، وَأَلْقَاهُمْ فِي الْحَرَّةِ يَسْتَسْقُونَ (١) ، فَلَا يُسْقَوْنَ (٢) ، وَأَمْثَالُ ذَلِكَ مِنَ الْأُمُورِ الْمَعْلُومَةِ.

فَإِذَا رَوَى الْجَاهِلُ نَقِيضَ ذَلِكَ عُلِمَ أَنَّهُ كَذِبٌ، وَمِنَ الطُّرُقِ الَّتِي يُعْلَمُ بِهَا الْكَذِبُ أَنْ يَنْفَرِدَ الْوَاحِدُ وَالِاثْنَانِ بِمَا يُعْلَمُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ وَاقِعًا لَتَوَفَّرَتِ الْهِمَمُ وَالدَّوَاعِي عَلَى نَقْلِهِ، فَإِنَّهُ مِنَ الْمَعْلُومِ أَنَّهُ لَوْ أَخْبَرَ الْوَاحِدُ بِبَلَدٍ عَظِيمٍ بِقَدْرِ بَغْدَادَ، وَالشَّامِ، وَالْعِرَاقِ لَعَلِمْنَا كَذِبَهُ فِي ذَلِكَ ; لِأَنَّهُ (٣) لَوْ كَانَ مَوْجُودًا لَأَخْبَرَ بِهِ النَّاسَ.


(١) س: لِيَسْتَسْقُونَ
(٢) الْحَدِيثُ عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي الْبُخَارِيِّ ٨/١٦٢ ١٦٣ (كِتَابُ الْمُحَارِبِينَ مِنْ أَهْلِ الْكُفْرِ وَالرِّدَّةِ، بَابُ لَمْ يَحْسِمِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُحَارِبِينَ مِنْ أَهْلِ الرِّدَّةِ حَتَّى هَلَكُوا) ، وَنَصُّهُ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَطَعَ الْعُرَنِيِّينَ وَلَمْ يَحْسِمْهُمْ حَتَّى مَاتُوا. وَجَاءَ بَعْدَهُ مُبَاشَرَةً حَدِيثٌ آخَرُ عَنْ أَنَسٍ كَذَلِكَ (بَابُ لَمْ يُسْقَ الْمُرْتَدُّونَ الْمُحَارِبُونَ حَتَّى مَاتُوا) . وَنَصُّهُ: عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَدِمَ رَهْطٌ مِنْ عُكْلٍ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانُوا فِي الصُّفَّةِ. . . وَقَتَلُوا الرَّاعِيَ وَاسْتَاقُوا الذَّوْدَ، فَأَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصَّرِيخُ، فَبَعَثَ الطَّلَبَ فِي آثَارِهِمْ. . . حَتَّى أُتِيَ بِهِمْ، فَأَمَرَ بِمَسَامِيرَ فَأُحْمِيَتْ فَكَحَلَهُمْ وَقَطَعَ أَيْدِيَهُمْ وَأَرْجُلَهُمْ وَمَا حَسَمَهُمْ، ثُمَّ أُلْقُوا فِي الْحَرَّةِ يَسْتَسْقُونَ فَمَا سُقُوا حَتَّى مَاتُوا ". وَأَوْرَدَ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ ٣/١٢٩٦ ١٢٩٨ بَابًا (كِتَابُ الْقَسَامَةِ، بَابُ حُكْمِ الْمُحَارِبِينَ وَالْمُرْتَدِّينَ) أَوْرَدَ فِيهِ سِتَّةَ أَحَادِيثَ عَنْ أَنَسٍ فِي هَذَا الْأَمْرِ بِنَفْسِ الْمَعْنَى (٩/١٤ وَآخِرُ حَدِيثٍ فِيهِ: عَنْ أَنَسٍ: " إِنَّمَا سَمَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْيُنَ أُولَئِكَ لِأَنَّهُمْ سَمَلُوا أَعْيُنَ الرِّعَاءِ " وَعُرَيْنَةُ: حَيٌّ مِنْ قُضَاعَةَ وَحَيٌّ مِنْ بَجِيلَةَ مِنْ قَحْطَانَ. وَالْمُرَادُ هُنَا الثَّانِي. وَسَاقُوا ذَوْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَيْ أَخَذُوا إِبِلَهُ وَقَدَّمُوهَا أَمَامَهُمْ سَائِقِينَ لَهَا طَارِدِينَ. سَمَلَ أَعْيُنَهُمْ (فِي بَعْضِ النُّسَخِ: سَمَرَ) . وَمَعْنَى سَمَلَ: فَقَأَهَا وَأَذْهَبَ مَا فِيهَا. وَمَعْنَى سَمَرَ: كَحَلَهَا بِمَسَامِيرَ مَحْمِيَّةٍ. وَقِيلَ: هُمَا بِمَعْنًى. وَتَرَكَهُمْ فِي الْحَرَّةِ: هِيَ أَرْضٌ ذَاتُ حِجَارَةٍ سُودٍ مَعْرُوفَةٌ بِالْمَدِينَةِ
(٣) ن، م: فَإِنَّهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>