للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَقَدْ عَهِدَ (١) إِلَيْنَا أَنْ لَا نَنْخُلَ لَهُ طَعَامًا، قَالَ: مَا قُلْتَ لَهَا؟ فَأَخْبَرْتُهُ، قَالَ (٢) : بِأَبِي وَأُمِّي مَنْ لَمْ يُنْخَلْ لَهُ طَعَامٌ، وَلَمْ يَشْبَعْ مِنْ خُبْزِ الْبُرِّ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ حَتَّى قَبَضَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ، وَاشْتَرَى يَوْمًا ثَوْبَيْنِ غَلِيظَيْنِ، فَخَيَّرَ قَنْبَرًا فِيهِمَا فَأَخَذَ وَاحِدًا وَلَبِسَ هُوَ الْآخَرَ، وَرَأَى فِي كُمِّهِ طُولًا عَنْ أَصَابِعِهِ فَقَطَعَهُ.

قَالَ ضِرَارُ بْنُ ضَمْرَةَ: دَخَلْتُ عَلَى مُعَاوِيَةَ بَعْدَ قَتْلِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيٍّ (٣) ، فَقَالَ: صِفْ لِي عَلِيًّا، فَقُلْتُ: أَعْفِنِي، فَقَالَ: لَا بُدَّ مِنْ ذَلِكَ (٤) ، فَقُلْتُ (٥) : أَمَّا إِذْ لَا بُدَّ، فَإِنَّهُ كَانَ وَاللَّهِ بَعِيدَ الْمَدَى، شَدِيدَ الْقُوَى، يَقُولُ فَصْلًا، وَيَحْكُمُ عَدْلًا، يَتَفَجَّرُ الْعِلْمُ مِنْ جَوَانِبِهِ، وَتَنْطِقُ الْحِكْمَةُ مِنْ نَوَاحِيهِ، يَسْتَوْحِشُ مِنَ الدُّنْيَا وَزِينَتِهَا، وَيَسْتَأْنِسُ (٦) بِاللَّيْلِ وَوَحْشَتِهِ، وَكَانَ وَاللَّهِ (٧) غَزِيرَ الْعَبْرَةِ، طَوِيلَ الْفِكْرَةِ، يُعْجِبُهُ (٨) مِنَ اللِّبَاسِ مَا خَشُنَ، وَمِنَ الطَّعَامِ مَا قَشُبَ، وَكَانَ فِينَا كَأَحَدِنَا: يُجِيبُنَا إِذَا سَأَلْنَاهُ، وَيَأْتِينَا (٩) إِذَا دَعَوْنَاهُ، وَنَحْنُ -


(١) ك: لَقَدْ تَقَدَّمَ
(٢) الْقَائِلُ هُنَا سُوَيْدُ بْنُ غَفَلَةَ، وَقَوْلُهُ التَّالِي عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
(٣) ك: بَعْدَ قَتْلِ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلَامُ
(٤) ك: لَا بُدَّ أَنْ تَصِفَهُ
(٥) ن، م: فَقَالَ، وَهُوَ خَطَأٌ
(٦) ك: وَيَأْنَسُ
(٧) عِبَارَةُ: " وَكَانَ وَاللَّهِ " لَيْسَتْ فِي (ك)
(٨) ك:. . الْفِكْرَةِ، يَقْلِبُ كَفَّهُ، وَيُعَاتِبُ نَفْسَهُ، يُعْجِبُهُ
(٩) ن، س، ب: وَيُلَبِّينَا

<<  <  ج: ص:  >  >>