للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَنِ الْآخَرِ بِالْحَقِيقَةِ أَوِ الْمَاهِيَّةِ (١) - كَانَ بِمَنْزِلَةِ أَنْ يُقَالَ: يَشْتَرِكَانِ فِي الْمَاهِيَّةِ أَوِ الْحَقِيقَةِ (٢) ، وَيَمْتَازُ أَحَدُهُمَا عَنِ الْآخَرِ بِالْوُجُودِ أَوِ الْوُجُوبِ (٣) .

فَإِنْ قُلْتُمْ: إِنَّمَا اشْتَرَكَا فِي الْوُجُودِ الْعَامِّ الْكُلِّيِّ، وَامْتَازَ كُلٌّ مِنْهُمَا بِالْحَقِيقَةِ الَّتِي تَخُصُّهُ.

قِيلَ: وَكَذَلِكَ يُقَالُ: إِنَّمَا اشْتَرَكَا فِي الْحَقِيقَةِ الْعَامَّةِ الْكُلِّيَّةِ، وَامْتَازَ كُلٌّ مِنْهُمَا بِالْوُجُودِ الَّذِي يَخُصُّهُ ; فَلَا فَرْقَ حِينَئِذٍ بَيْنَ مَا جَعَلْتُمُوهُ كُلِّيًّا مُشْتَرَكًا (٤) ، كَالْجِنْسِ وَالْعَرَضِ الْعَامِّ، وَبَيْنَ مَا جَعَلْتُمُوهُ مُخْتَصًّا مُمَيَّزًا جُزْئِيًّا، كَالْفَصْلِ وَالْخَاصَّةِ. لَكِنْ عَمَدْتُمْ إِلَى شَيْئَيْنِ مُتَسَاوِيَيْنِ فِي الْعُمُومِ وَالْخُصُوصِ، فَقَدَّرْتُمْ أَحَدَهُمَا فِي حَالِ عُمُومِهِ، وَالْآخَرَ فِي حَالِ خُصُوصِهِ، فَهَذَا كَانَ مِنْ تَقْدِيرِكُمْ، وَإِلَّا فَكُلٌّ مِنْهُمَا يُمْكِنُ فِيهِ التَّقْدِيرُ كَمَا أَمْكَنَ فِي الْآخَرِ، وَكُلٌّ مِنْهُمَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ مُسَاوٍ لِلْآخَرِ فِي عُمُومِهِ وَخُصُوصِهِ، وَكَوْنِهِ مُشْتَرَكًا وَمُمَيَّزًا، فَلَا فَرْقَ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ بَيْنَ مَا جَعَلْتُمُوهُ جِنْسًا أَوْ عَرَضًا عَامًّا، وَمَا جَعَلْتُمُوهُ فَصْلًا أَوْ خَاصَّةً، إِلَّا أَنَّكُمْ قَدَّرْتُمْ أَحَدَ الْمُتَسَاوِيَيْنِ عَامًّا وَالْآخَرَ خَاصًّا.

الْوَجْهُ الثَّانِي: أَنْ يُقَالَ: إِذَا قُلْتُمُ: الْمَوْجُودَانِ يَشْتَرِكَانِ فِي مُسَمَّى الْوُجُودِ، فَلَا بُدَّ أَنْ يَتَمَيَّزَ أَحَدُهُمَا عَنِ الْآخَرِ بِأَمْرٍ آخَرَ.

قِيلَ لَكُمْ: الْمُمَيَّزُ أَنْ يَكُونَ وُجُودًا (٥) خَاصًّا، فَلِمَ قُلْتُمْ: إِنَّهُ


(١) م: وَالْمَاهِيَّةِ.
(٢) م: وَالْحَقِيقَةِ.
(٣) م: وَالْوُجُوبِ.
(٤) ب: مُشْتَرَكًا كُلِّيًّا.
(٥) م: مَوْجُودًا

<<  <  ج: ص:  >  >>