للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قِيلَ: كَلَامُهُ فَوْقَ (١) كَلَامِ الْمَخْلُوقِ وَدُونَ كَلَامِ الْخَالِقِ، وَمِنْهُ تَعَلَّمَ الْخُطَبَاءُ ".

وَالْجَوَابُ: أَنْ يُقَالَ: لَا رَيْبَ أَنَّ عَلِيًّا كَانَ مِنْ أَخْطَبِ الصَّحَابَةِ (٢) ، وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ خَطِيبًا، وَعُمَرُ خَطِيبًا، وَكَانَ ثَابِتُ بْنُ قَيْسِ بْنِ شَمَّاسٍ خَطِيبًا مَعْرُوفًا بِأَنَّهُ خَطِيبُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَمَا كَانَ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ، وَكَعْبُ بْنُ مَالِكٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ شُعَرَاءَهُ.

وَلَكِنْ كَانَ أَبُو بَكْرٍ يَخْطُبُ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي حُضُورِهِ وَغَيْبَتِهِ، فَكَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِذَا خَرَجَ فِي الْمَوْسِمِ يَدْعُو النَّاسَ إِلَى الْإِسْلَامِ، وَأَبُو بَكْرٍ مَعَهُ يَخْطُبُ مَعَهُ، وَيُبَيِّنُ بِخِطَابِهِ مَا يَدْعُو النَّاسَ إِلَى مُتَابَعَةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَنَبِيُّ اللَّهِ سَاكِتٌ يُقِرُّهُ عَلَى مَا يَقُولُ، وَكَانَ كَلَامُهُ تَمْهِيدًا وَتَوْطِئَةً لِمَا يُبَلِّغُهُ الرَّسُولُ، مَعُونَةً لَهُ، لَا تَقَدُّمًا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ.

كَمَا كَانَ ثَابِتُ بْنُ قَيْسِ بْنِ شَمَّاسٍ يَخْطُبُ أَحْيَانًا عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَكَانَ يُسَمَّى خَطِيبَ رَسُولِ اللَّهِ.

وَكَانَ عُمَرُ مِنْ أَخْطَبِ النَّاسِ، وَأَبُو بَكْرٍ أَخْطَبَ مِنْهُ، يَعْتَرِفُ لَهُ عُمَرُ بِذَلِكَ (٣) ، وَهُوَ الَّذِي خَطَبَ الْمُسْلِمِينَ وَكَشَفَ لَهُمْ عَنْ مَوْتِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَثَبَّتَ الْإِيمَانَ فِي قُلُوبِ الْمُسْلِمِينَ، حَتَّى لَا يَضْطَرِبَ النَّاسُ ; لِعَظِيمِ الْمُصِيبَةِ الَّتِي نَزَلَتْ بِهِمْ.


(١) ك: حَتَّى قِيلَ فِي كَلَامِهِ إِنَّهُ فَوْقَ. . .
(٢) م: النَّاسِ.
(٣) س، ب: يَعْرِفُ لَهُ عُمَرُ بِذَلِكَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>