للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَحْدُثُ الْإِرَادَاتُ وَالْمُرَادَاتُ، وَيَقُولُونَ بِجَوَازِ قِيَامِ الْحَوَادِثِ بِالْقَدِيمِ، وَلَرَجَعُوا عَنْ قَوْلِهِ: (* بِأَنَّ (١) نَفْسَ الْإِرَادَةِ الْقَدِيمَةِ تُخَصِّصُ أَحَدَ الْمِثْلَيْنِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ، وَعَنْ قَوْلِهِمْ *) (٢) بِحُدُوثِ الْحَوَادِثِ بِلَا سَبَبٍ حَادِثٍ، وَكَانُوا عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ لَا يَقُولُونَ بِقِدَمِ شَيْءٍ مِنَ الْعَالَمِ، بَلْ يَقُولُونَ: إِنَّ كُلَّ مَا سِوَى اللَّهِ فَإِنَّهُ حَادِثٌ كَائِنٌ (٣) بَعْدَ أَنْ لَمْ يَكُنْ.

وَكَانَ هَذَا لَازِمًا عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ إِذَا لَمْ يَجُزْ حُدُوثُ شَيْءٍ مِنَ الْحَوَادِثِ إِلَّا بِسَبَبٍ [حَادِثٍ] (٤) ، وَلَمْ يَتَرَجَّحْ أَحَدُ الْوَقْتَيْنِ بِحُدُوثِ شَيْءٍ فِيهِ إِلَّا بِمُرَجِّحٍ يَقْتَضِي ذَلِكَ، لَا يَكُونُ تَأَخُّرُ الْمُرَادِ عَنِ الْإِرَادَةِ إِلَّا لِتَعَذُّرِ الْمُرَادِ، [إِذْ] (٥) لَوْ كَانَ [الْمُرَادُ] (٦) مُمْكِنًا أَنْ يُقَارِنَ الْإِرَادَةَ وَمُمْكِنًا أَنْ يَتَأَخَّرَ عَنْهَا، لَكَانَ تَخْصِيصُ أَحَدِ الزَّمَانَيْنِ بِالْإِحْدَاثِ تَخْصِيصًا بِلَا مُخَصِّصٍ.

فَعُلِمَ أَنَّهُ يَجِبُ أَحَدُ الْأَمْرَيْنِ عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ: وُجُوبُ (٧) مُقَارَنَةِ الْمُرَادِ لِلْإِرَادَةِ أَوِ امْتِنَاعِهِ (٨) ، وَأَنَّهُ يَجِبُ مُقَارَنَتُهُ لِلْإِرَادَةِ إِذَا كَانَ مُمْكِنًا، وَأَنَّهُ لَا يَتَأَخَّرُ إِلَّا لِتَعَذُّرِ مُقَارَنَتِهِ: إِمَّا (٩) لِامْتِنَاعِهِ فِي نَفْسِهِ، وَإِمَّا لِامْتِنَاعِ لَوَازِمِهِ.


(١) ب (فَقَطْ) : إِنَّ.
(٢) مَا بَيْنَ النَّجْمَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (م) .
(٣) كَائِنٌ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ا) ، (ب) .
(٤) حَادِثٍ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(٥) إِذْ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(٦) الْمُرَادُ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(٧) ا، ب: وَوُجُوبُ، وَهُوَ خَطَأٌ.
(٨) ن، م، ب: وَامْتِنَاعِهِ.
(٩) ن، م: وَإِمَّا.

<<  <  ج: ص:  >  >>