الْحَدِيثُ لَا يُعْرَفُ، وَلَيْسَ هُوَ فِي شَيْءٍ مِنْ كُتُبِ الْحَدِيثِ وَالْفِقْهِ، مَعَ احْتِيَاجِ الْفُقَهَاءِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ إِلَى نَصٍّ، وَلَمْ يَذْكُرْ لَهُ إِسْنَادًا، فَكَيْفَ يُصَدَّقُ بِشَيْءٍ لَا دَلِيلَ عَلَى صِحَّتِهِ؟ بَلِ الْأَدِلَّةُ الْمَعْلُومَةُ تَدُلُّ عَلَى انْتِفَائِهِ.
وَمَعَ هَذَا فَهَذَا الْحُكْمُ الَّذِي نَقَلَهُ عَنْ عَلِيٍّ، وَأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَقَرَّهُ، إِذَا حُمِلَ عَلَى ظَاهِرِهِ كَانَ مُخَالِفًا لِسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ ; فَإِنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثَبَتَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: «الْعَجْمَاءُ جُبَارٌ» " وَهَذَا فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا، وَاتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى صِحَّتِهِ وَتَلَقِّيهِ بِالْقَبُولِ (١) ، وَالتَّصْدِيقِ وَالْعَمَلِ بِهِ.
وَالْعَجْمَاءُ تَأْنِيثُ أَعْجَمَ، وَكُلُّ بَهِيمَةٍ فَهِيَ عَجْمَاءُ، كَالْبَقَرَةِ وَالشَّاةِ وَغَيْرِهِمَا. وَهَذِهِ إِذَا كَانَتْ تَرْعَى فِي الْمَرَاعِي الْمُعْتَادَةِ، فَأَفْلَتَتْ نَهَارًا مِنْ غَيْرِ تَفْرِيطٍ مِنْ صَاحِبِهَا، حَتَّى دَخَلَتْ عَلَى حِمَارٍ فَأَفْسَدَتْهُ، أَوْ
(١) الْحَدِيثُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي: الْبُخَارِيِّ ٢/١٣٠ (كِتَابُ الزَّكَاةِ، بَابٌ فِي الرِّكَازِ الْخُمُسُ) وَنَصُّهُ: " الْعَجْمَاءُ جُبَارٌ، وَالْبِئْرُ جُبَارٌ، وَالْمَعْدِنُ جُبَارٌ، وَفِي الرِّكَازِ الْخُمُسُ ". وَجَاءَ الْحَدِيثُ فِي مَوَاضِعَ أُخْرَى فِي الْبُخَارِيِّ (انْظُرْ فَتْحَ الْبَارِي، الْأَرْقَامَ ٢٣٥٥، ٦٩١٣) . وَقَالَ ابْنُ حَجَرٍ فِي " فَتْحِ الْبَارِي " ١٢/٢٥٥: " الْعَجْمَاءُ. . . الْبَهِيمَةُ. . . جُبَارٌ: بِضَمِّ الْجِيمِ وَتَخْفِيفِ الْمُوَحَّدَةِ، هُوَ الْهَدَرُ الَّذِي لَا شَيْءَ فِيهِ، كَذَا أَسْنَدَهُ ابْنُ وَهْبٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، وَعَنْ مَالِكٍ: مَا لَا دِيَةَ فِيهِ، أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ. . وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: فَسَّرَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ، قَالُوا: الْعَجْمَاءُ الدَّابَّةُ الْمُنْفَلِتَةُ مِنْ صَاحِبِهَا، فَمَا أَصَابَتْ مِنَ انْفِلَاتِهَا فَلَا غُرْمَ عَلَى صَاحِبِهَا. وَالْحَدِيثُ فِي: مُسْلِمٍ ٣/١٣٣٤ - ١٣٣٥ (كِتَابُ الْحُدُودِ، بَابُ جُرْحِ الْعَجْمَاءِ. . . .) ، سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ ٤/٢٧٣ (كِتَابُ الدِّيَاتِ، بَابُ الْعَجْمَاءِ وَالْمَعْدِنِ وَالْبِئْرِ جُبَارٌ) سُنَنِ التِّرْمِذِيِّ ٢/٧٧ (كِتَابُ الزَّكَاةِ، بَابُ مَا جَاءَ أَنَّ الْعَجْمَاءَ جَرْحُهَا جُبَارٌ. . .) سُنَنِ النَّسَائِيِّ ٥/٣٣ - ٣٤ (كِتَابُ الزَّكَاةِ، بَابُ الْمَعْدِنِ) . وَالْحَدِيثُ فِي سُنَنِ ابْنِ مَاجَهْ وَمُسْنَدِ أَحْمَدَ وَمُوَطَّأِ مَالِكٍ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute