للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إِذْ ذَاكَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ، فَأَتَاهُمْ مِنْ ظُهُورِهِمْ، فَصَاحَ الشَّيْطَانُ: قُتِلَ مُحَمَّدٌ. وَاسْتُشْهِدَ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ نَحْوُ سَبْعِينَ، وَلَمْ يَبْقَ مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذَلِكَ الْيَوْمَ إِلَّا اثْنَا عَشَرَ رَجُلًا، فِيهِمْ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ.

وَأَشْرَفَ أَبُو سُفْيَانَ فَقَالَ: أَفِي الْقَوْمِ مُحَمَّدٌ؟ أَفِي الْقَوْمِ مُحَمَّدٌ؟ وَالْحَدِيثُ فِي الصَّحِيحَيْنِ (١) ، وَقَدْ تَقَدَّمَ لَفْظُهُ (٢) ، وَكَانَ يَوْمَ بَلَاءٍ وَفِتْنَةٍ وَتَمْحِيصٍ، وَانْصَرَفَ الْعَدُوُّ عَنْهُمْ مُنْتَصِرًا، حَتَّى هَمَّ بِالْعَوْدِ (٣) إِلَيْهِمْ، فَنَدَبَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْمُسْلِمِينَ لِلِحَاقِهِ.

وَقِيلَ: إِنَّ فِي هَؤُلَاءِ نَزَلَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ} [سُورَةُ آلِ عِمْرَانَ: ١٧٢] ، وَكَانَ فِي هَؤُلَاءِ الْمُنْتَدَبِينَ: أَبُو بَكْرٍ وَالزُّبَيْرُ، قَالَتْ عَائِشَةُ لِابْنِ الزُّبَيْرِ: أَبُوكَ وَجَدُّكَ مِمَّنْ قَالَ اللَّهُ فِيهِمْ: {الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ} (٤) ، وَلَمْ يُقْتَلْ يَوْمَئِذٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ إِلَّا نَفَرٌ قَلِيلٌ، وَقَصَدَ الْعَدُوُّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَاجْتَهَدُوا فِي قَتْلِهِ، وَكَانَ مِمَّنْ ذَبَّ عَنْهُ


(١) م: فِي الصَّحِيحِ.
(٢) سَبَقَ هَذَا الْحَدِيثُ فِيمَا مَضَى ١/٥٢٣، ٥/٢١.
(٣) س، ب: بِالْعَدُوِّ، وَهُوَ خَطَأٌ.
(٤) الْحَدِيثُ عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - فِي: الْبُخَارِيِّ ٥/١٠٢ (كِتَابُ الْمَغَازِي، بَابُ الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ) وَنَصُّهُ: قَالَتْ لِعُرْوَةَ: يَا ابْنَ أُخْتِي كَانَ أَبُوكَ مِنْهُمْ: الزُّبَيْرُ وَأَبُو بَكْرٍ لَمَّا أَصَابَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا أَصَابَ يَوْمَ أُحُدٍ وَانْصَرَفَ عَنْهُ الْمُشْرِكُونَ خَافَ أَنْ يَرْجِعُوا. قَالَ: " مَنْ يَذْهَبُ فِي إِثْرِهِمْ؟ " فَانْتَدَبَ مِنْهُمْ سَبْعُونَ رَجُلًا، قَالَ: كَانَ فِيهِمْ أَبُو بَكْرٍ وَالزُّبَيْرُ. وَالْحَدِيثُ فِي: مُسْلِمٍ ٤/١٨٨٠ - ١٨٨١ (كِتَابُ فَضَائِلِ الصَّحَابَةِ بَابٌ مِنْ فَضَائِلِ طَلْحَةَ وَالزُّبَيْرِ. .) ، تَفْسِيرِ ابْنِ كَثِيرٍ ١٤٤ - ١٤٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>