ذَا الْفَقَارِ يَوْمَ بَدْرٍ، وَهُوَ الَّذِي رَأَى فِيهِ الرُّؤْيَا يَوْمَ أُحُدٍ. قَالَ: " رَأَيْتُ فِي سَيْفِي ذِي الْفَقَارِ فَلًّا فَأَوَّلْتُهُ فَلًّا يَكُونُ فِيكُمْ، وَرَأَيْتُ أَنِّي مُرْدِفٌ كَبْشًا، فَأَوَّلْتُهُ كَبْشَ الْكَتِيبَةِ، وَرَأَيْتُ أَنِّي فِي دِرْعٍ حَصِينَةٍ، فَأَوَّلْتُهَا الْمَدِينَةَ، وَرَأَيْتُ بَقَرًا تُذْبَحُ، فَبَقَرٌ وَاللَّهِ خَيْرٌ " فَكَانَ الَّذِي قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» (١) .
وَهَذَا الْكَذِبُ الْمَذْكُورُ فِي ذِي الْفَقَارِ مِنْ جِنْسِ كَذِبِ بَعْضِ الْجُهَّالِ: أَنَّهُ كَانَ لَهُ سَيْفٌ يَمْتَدُّ إِذَا ضَرَبَ بِهِ كَذَا وَكَذَا ذِرَاعًا، فَإِنَّ هَذَا مِمَّا يَعْلَمُ الْعُلَمَاءُ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ قَطُّ، لَا سَيْفُ عَلِيٍّ وَلَا غَيْرُهُ. وَلَوْ كَانَ سَيْفُهُ يَمْتَدُّ لَمَدَّهُ يَوْمَ قَاتَلَ مُعَاوِيَةَ.
(١) الْحَدِيثُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - فِي " الْمُسْنَدِ (ط. الْمَعَارِفِ) ٤/١٤٦ - ١٤٧. وَقَالَ الشَّيْخُ أَحْمَدُ شَاكِر - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي تَعْلِيقِهِ: " إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ. ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ هُوَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ. وَالْحَدِيثُ ذَكَرَهُ ابْنُ كَثِيرٍ فِي التَّارِيخِ ٤/١١ - ١٢ مِنْ رِوَايَةِ الْبَيْهَقِيِّ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ وَهْبٍ عَنِ ابْنِ أَبِي الزِّنَادِ بِأَطْوَلَ مِمَّا هُنَا، وَقَالَ: رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ أَبِيهِ، بِهِ ذُو الْفَقَارِ (بِفَتْحِ الْفَاءِ) : سُمِّيَ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ كَانَتْ فِيهِ حُفَرٌ صِغَارٌ حِسَانٌ، وَالسَّيْفُ الْمُفَقَّرُ: الَّذِي فِيهِ حُزُوزٌ مُطْمَئِنَّةٌ عَنْ مَتْنِهِ. الْفَلُّ (بِفَتْحِ الْفَاءِ وَتَشْدِيدِ اللَّامِ) : الثَّلْمُ فِي السَّيْفِ، وَأَصْلُهُ: الْكَسْرُ وَالضَّرْبُ، وَمِنْهُ الْفَلُّ لِلْقَوْمِ الْمُنْهَزِمِينَ " وَوَجَدْتُ أَنَّ ابْنَ مَاجَهْ ذَكَرَ الْحَدِيثَ مُخْتَصَرًا فِي سُنَنِهِ ٢/٩٣٩ (كِتَابُ الْجِهَادِ، بَابُ السِّلَاحِ) وَلَفْظُهُ فِيهِ: " أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَنَفَّلَ سَيْفَهُ ذَا الْفَقَارِ يَوْمَ بَدْرٍ ". وَجَاءَ الْحَدِيثُ فِي الْمُسْنَدِ (ط. الْحَلَبِيِّ) ٣/٢٦٧ عَنْ أَنَسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَلَفْظُهُ: رَأَيْتُ فِيمَا يَرَى النَّاسُ كَأَنِّي مُرْدِفٌ كَبْشًا، وَكَأَنَّ ظُبَةَ سَيْفِي انْكَسَرَتْ، فَأَوَّلْتُ أَنِّي أَقْتُلُ صَاحِبَ الْكَتِيبَةِ، وَأَنَّ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ بَيْتِي يُقْتَلُ ". وَفِي ابْنِ هِشَامٍ ٣/٦٦ - ٦٧: " قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: إِنِّي قَدْ رَأَيْتُ وَاللَّهِ خَيْرًا. رَأَيْتُ بَقَرًا، وَرَأَيْتُ فِي ذُبَابِ سَيْفِي ثَلَمًا، وَرَأَيْتُ أَنِّي أَدْخَلْتُ يَدِي فِي دِرْعٍ حَصِينَةٍ، فَأَوَّلْتُهَا الْمَدِينَةَ "، قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَحَدَّثَنِي بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: " رَأَيْتُ بَقَرًا لِي تُذْبَحُ. قَالَ: فَأَمَّا الْبَقَرُ فَهِيَ نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِي يُقْتَلُونَ. وَأَمَّا الثَّلَمُ الَّذِي رَأَيْتُ فِي ذُبَابِ سَيْفِي، فَهُوَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ بَيْتِي يُقْتَلُ " وَلَمْ أَعْرِفْ مَكَانَ الْحَدِيثِ فِي سُنَنِ التِّرْمِذِيِّ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute