بِنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَاةَ الْفَجْرِ، وَصَعِدَ الْمِنْبَرَ، ثُمَّ خَطَبَنَا حَتَّى حَضَرَتِ الظُّهْرُ، فَنَزَلَ فَصَلَّى بِنَا، ثُمَّ صَعِدَ الْمِنْبَرَ فَخَطَبَنَا حَتَّى حَضَرَتِ الْعَصْرُ، فَنَزَلَ فَصَلَّى بِنَا، ثُمَّ صَعِدَ الْمِنْبَرَ فَخَطَبَنَا حَتَّى غَرَبَتِ الشَّمْسُ، فَأَخْبَرَنَا بِمَا كَانَ وَبِمَا هُوَ كَائِنٌ، فَأَعْلَمُنَا أَحْفَظُنَا» " (١) .
وَأَبُو هُرَيْرَةَ أَسْلَمَ عَامَ خَيْبَرَ، فَلَمْ يَصْحَبِ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَّا أَقَلَّ مِنْ أَرْبَعِ سِنِينَ، وَذَلِكَ الْجِرَابُ لَمْ يَكُنْ فِيهِ شَيْءٌ مِنْ عِلْمِ الدِّينِ: عِلْمِ الْإِيمَانِ وَالْأَمْرِ وَالنَّهْيِ، وَإِنَّمَا كَانَ فِيهِ الْإِخْبَارُ عَنِ الْأُمُورِ الْمُسْتَقْبَلَةِ، مِثْلِ الْفِتَنِ الَّتِي جَرَتْ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ: فِتْنَةِ الْجَمَلِ، وَصِفِّينَ، وَفِتْنَةِ ابْنِ الزُّبَيْرِ، وَمَقْتَلِ الْحُسَيْنِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ ; وَلِهَذَا لَمْ يَكُنْ أَبُو هُرَيْرَةَ مِمَّنْ دَخَلَ فِي الْفِتَنِ.
وَلِهَذَا قَالَ ابْنُ عُمَرَ: لَوْ حَدَّثَكُمْ أَبُو هُرَيْرَةَ أَنَّكُمْ تَقْتُلُونَ خَلِيفَتَكُمْ، وَتَفْعَلُونَ كَذَا وَكَذَا، لَقُلْتُمْ: كَذَبَ أَبُو هُرَيْرَةَ.
وَأَمَّا الْحَدِيثُ الَّذِي يُرْوَى عَنْ حُذَيْفَةَ أَنَّهُ صَاحِبُ السِّرِّ الَّذِي لَا يَعْلَمُهُ غَيْرُهُ، فَرَوَاهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ، قَالَ: ذَهَبَ عَلْقَمَةُ إِلَى الشَّامِ، فَلَمَّا دَخَلَ الْمَسْجِدَ قَالَ: " اللَّهُمَّ يَسِّرْ لِي جَلِيسًا صَالِحًا، فَجَلَسَ إِلَى أَبِي الدَّرْدَاءِ، فَقَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ: مِمَّنْ أَنْتَ؟ قَالَ: مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ. قَالَ: أَلَيْسَ مِنْكُمْ - أَوْ فِيكُمْ - الَّذِي أَجَارَهُ اللَّهُ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ - يَعْنِي مِنَ
(١) الْحَدِيثُ عَنْ أَبِي زَيْدٍ عَمْرِو بْنِ أَخْطَبَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي: مُسْلِمٍ ٤/٢٢١٧ (كِتَابُ الْفِتَنِ وَأَشْرَاطِ السَّاعَةِ، بَابُ إِخْبَارِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِيمَا يَكُونُ إِلَى قِيَامِ السَّاعَةِ) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute